الجمعة، 17 سبتمبر 2010

جزر الغموض - 5








( 5 )


الوجود الجديدة في هذه الحلقة :
همس 2007
بتول محمد
أبو قدس
ابو حسن

كانت سماهر بين خيارين أحلاهما مر والمشكلة ألأكبر أن عليها الاختيار بسرعة وبدون تفكير فقد وقفت عند رأسها ريان تنتظر منها الإجابة لتقرر لها مصيرها المرتقب :
- ولكني لم أفهم من ذلك شيئاً .
نظرت إليها ريان بنفاذ صبر كمن تهم بلطمها مما اشعر المضيفة الحسناء بالرعب :
- ما الذي لم تفهميه بالضبط .. يبدو أنك من النوع الجميل – الغبي .
- عفواً ولكني لم أسمع بذات يوم عن جزيرتكم هذه ولا فريق المحاربات والآخر .....
- الجواري .
- الجواري .. أصبح جارية من ؟؟؟؟
- لا أحد سوانا نحن النساء..... تقومي بخدمتنا ورفاهيتنا نحن المحاربات
- لم افهم .
- لم تفهمي ماذا ؟ جارية وظيفتك الإنجاب والخدمة .
- أنجب من من ؟ وأنت ألم تقولي لي من قبل أنه لا يوجد رجال هنا ؟
- عقلك صغير . كيف يمكن لنا الاستمرار بدون أن نندثر إن لم نتكاثر . ولذلك فلابد من وجود رجل .
- رجل واحد فقط ؟
- حسب الظروف وحسب الصيد .
- الصيد !!!! ... تصطادون الرجال ؟
- أجل .. نصطادهم ونسوقهم كالبهائم ... نعلفهم وهم لا يعلمون أنه من بعد أن ننال مقصدنا منهم يقتلون .. بل يصبحون طعاماً لرمز سيادتنا وقوتنا ... الوشق .
هلعت سماهر عند سماعها هذه اللهجة الدموية من قبل محدثتها وجلست تفكر في دورها كجارية مهمتها الإنجاب وكذلك خدمة المحاربات اللاتي يدافعن عن الجزيرة من جيش المحاربين بقيادة أبو حسام أو جيش الثوار المتمرد أو الهجوم على كليهما للحصول على بعض الضحايا من الرجال .

شعب الأمازونيات السيادة فيه للمرأة وحدها ولكن التفرقة بين المحاربات والجواري واضح كضوء الشمس والأكثر من ذلك التفرقة في المعاملة بين الجواري أنفسهن فمن تخدم القائدة أزهار تنال رفاهية أكثر ممن تخدم المحاربات ومن تنجب بناتاً تنال رعاية خاصة عمن تنجب ذكوراً والتي تشعر بالخزي والعار بالإضافة للحزن الشديد الذي ينتابها لفقدها وليدها الذي يصبح طعاماً للسباع .
- ما قولك يا سماهر ؟
- أريد أن أصبح .... محاربة .
- سوف تخضعين لبعض الاختبارات الجسدية والنفسية لنرى مدى تأهلك لذلك .
- مثل ماذا ؟
- قدرتك على تحمل الجوع والعطش .
- من هذه الناحية اطمئني .. ماما وبابا دائما ينتابهما القهر من قلة أكلي .
- ماما وبابا في بيتكم أيتها المدللة .. هنا قد تقضين أياماً في الصحراء أو تحت التعذيب من أناس لا ترحم .. عليك أكل ما لا يمكن أكله .
بلعت سماهر ريقها بصعوبة عند سماعها الجملة الأخيرة :
- مثل ماذا ؟
- أي شيء .. سحالي ، عناكب ، حشرات وأفاعي .
بهت لونها أكثر وتصفد العرق من بشرتها الناعمة لتسقط على عنقها الزجاجي وتلعثمت قليلاً :
- هل لي أن أغير خياراتي ؟
- ماذا ؟
- تذكرت أني أعشق الأولاد .
- الأولاد ؟؟؟؟
- اقصد الأطفال .. وخصوصاً البنات .. ليتني أستطيع أنجاب طفلة جميلة
- الجمال لا يهمنا .. الجمال مقياس ذكوري نرفضه هنا .. لك ذلك إن شئت .
قالت جملتها الأخيرة وانصرفت تاركة إياها تتلحف أحزانها وتفكر في مصير طاقم الطائرة المفقود بعد أن يئست من نجاتها من هنا .

أخذ سنابسي الهوى بيد أبنته مع كل الآلام التي أصابته من جراء عملية الجلد جهة المطبخ الإمبراطوري حيث من المفترض أن تعمل هناك في قسم تقشير البصل . كانت يده ترتجف بشدة رغم محاولاته في أن يبقى هادئاً ومتوازناً وباشاً ، سقط على الأرض في أكثر من مرة على وجهه وفي كل مرة يحاول أن يقف ويمد يده تجاه أبنته لمساعدته على الوقوف ولكنها كانت تنظر في اتجاه معاكس ليده وكأنها لا تراه ، شعر بالحزن الشديد يتدفق من خلال قلبه المنكسر فيعود بالكرة محاولاً أن يقف ومع كل سقطاته وبعثرته إلا أنه في النهاية يقف ليصل في النهاية إلى المطبخ الإمبراطوري .

سنابسي الهوى هو اسم شهرة و لا أحد يعرف اسمه الحقيقي اكتسب اسمه من لون عينيه المحمرتين عند سماعه اسم سنابس فربط الآخرون اسم سنابس بعينيه فأصبح بعدها سنابسي الهوى ، جاء عن طريق سقوط طائرة في جزر الجماجم كالبقية ، وأخذ أسيراً في عهد الإمبراطور الأسبق وهناك بدأ عمله في المطبخ في قسم التقشير ولكن في لحظة ما تصارع مع الامبراطور وتفوق عليه وبذلك وحسب القانون يصبح هو الامبراطور ، ولكن يا فرحة ما تمت كما يقولون ماهي إلا أياماً ثلاثة وأبو حسام يطلب منه المنازلة الذي كاد أن ينهزم على يديه لولا سهم غادر من المحاربة الجديدة والقادمة من جزيرة الأمازونيات - اشتباه - أصابه في مكمن لتصبح يده مشلولة وهاهو الآن مهرج الامبراطور الخاص بعدما ضمن أبو حسام أنه لن تقوم له قائمة .

دخلا المطبخ فتعالى التصفيق من كل الجهات ، علت الدهشة وجه ~ زمردة ~ التي نظرت تجاه أبيها الناكس رأسه والذي لم تظهر أي سعادة على محياه فعلمت أن هذا التصفيق قد يكون أقرب للسخرية من أن يكون تشجيعاً أو حماساً . أبدت عدم اكتراثها لما يجري وانطلقا بين ممرات المطبخ حتى وصلا إلى قسم البصل حيث تقف أمرأة عجوز شمطاء بدينة ومترهلة ، نظرت إليهما بعينيها الكريمتين :
- هل هذه هي أبنتك يا سنابسي الهوى؟
- نعم يا ست همس 2007
نظرت مسئولة المطبخ تجاه ~ زمردة ~ بنظرة حادة رغم حولان العينين :
- اسمعي أيتها العاملة .. الأوامر هي الأوامر .. رفض أي أمر من قبل من هم أعلى منك رتبة ومنزلة ووظيفة معناها حرمان من طعام الغذاء والعشاء وسجن انفرادي مع مواصلة العمل داخل السجن لمدة أربعة أيام ، استمرار العصيان معناه الجلد بمقدار خمسين جلدة تضاعف في كل مرة . كلامي مفهوم .
لاذت ~ زمردة ~ بالصمت فنظرت إليها الست همس 2007 نظرة ثاقبة فعلمت أن هذه النوعية من السيدات العنيدات لا ينفع معهن غير الضرب والركل والرفس لكي يفهمن الأوامر ومباشرة صرخت بأعلى صوتها منادية ابنتها ضخمة الجثة :
- بتول .. بتوله .. بتاتتيلو .. بتولووووه بالثلاث واوات .. تعالي يا حبيبتي عندي لك لعبة جميلة
ومن بعد سمع الجميع وقع خطوات بتول الضخمة والتي يتزلزل منها المكان وتهتز منه الجدران ليطل عليهم وجه عبيط قبيح المنظر منتف الشعر ذو أنف ضخم وعينين تشبه عيني والدتها في الحول ، وقالت بصوتها ألأجش :
- أين هي اللعبة يا ماما ؟
أدركت ~ زمردة ~ الخطر الذي ينتظرها فرفعت يدها عند رأسها كمن يؤدي التحية :
- تمام يا أفندم .. الأوامر هي الأوامر .
ولكن الآوان قد فات فقد تعرفت بتول على لعبتها فجرتها من شعرها حتى سقطت على ألأرض تسبقها صرخاتها الحادة والتي تكسر الزجاج من حدته ولكن الفتاة الضخمة والبالغ عمرها عشرة سنوات لم تعرها أي اهتمام فهي مصابة بخلل في أذنيها .
أخذت بتول ~ زمردة ~ بقوة وجعلت تلعب بها كيفما شاءت مرة تلقيها على الأرض وتقوم بالقفز عليها مثل المصارعة الحرة ومرة تقوم بحملها إلى أعلى ومن ثم تسقطها أرضاً وهكذا دواليك ، ومازاد الأمر من صعوبة على الآنسة ~ زمردة ~ هو الضحكات المجلجلة في كل مكان والتصفيق الحاد الذي علا المكان عندها علمت لماذا كان الجميع يصفق ولماذا اطرق أبوها برأسه فتندمت أشد الندم فحاولت أن تستنجد بأبيها الذي خذلته من قبل ولكنها في قرارة نفسها تعلم بعدم استطاعته مساعدتها هذه المرة وفجأة توقفت بتول عن اللعب نظرت ~ زمردة ~ بدهشة فكان سنابسي الهوى واقفاً أمام الفتاة الضخمة وفي يده حلويات :
- ما رأيك يا بتول .. بتوله .. بتاتتيلو .. بتولووووه بالثلاث واوات أن تتركي هذه اللعبة وتأخذي هذا الملاس ؟
فرحت الفتاة الضخمة بهذه الهدية وتركت ~ زمردة ~ تسقط من يدها على الأرض . اقتربت منها الست همس 2007 بخطوات واثقة :
- والآن بعدما تعلمت معنى إطاعة الأوامر قومي من مكانك وقشري هذه الكمية من البصل
نظرت ~ زمردة ~ جهة البصل فهالها كميته فعلمت أن أمامها مشوار طويل من العذاب .

قبل أن يساقوا إلى منجم الفحم سقط زهدي بين رجلي أبو حسام الذي رفسه بقوة لكي يبعده عنه ولكن الطبيب البيطري تشبث برجليه رافضاً تركهما فاقترب الحراس وهم يلوحون بالسياط استعداداً لجلد العبد الجديد :
- اسمع مني كلمتي يا ... سيد الكل .
تعجب أبو حسام مرة أخرى عند سماعه الجملة ذاتها مرة أخرى وسأل نفسه عن السر الغريب والتصادف العجيب فعلم أن تلك الجارية ذات الفم الكبير والمسماة آلاء وهذا الرجل المتشبث به من طينة واحدة فسر في قرارة نفسه وقد قرر أن يطلق على نفسه هذا اللقب ولكن وجهه تجهم في وجه المتشبث برجله :
- ماذا تريد ؟ إن لم يكن أمراً ضرورياً فسوف تلقى حتفك .
رغم تمسكه برجلي أبو حسام إلا أنه لم يستطع إلا أن يتحسس رقبته بعد هذا التهديد فقال بجمل متبعثرة :
- ضلوعك .. استطيع .. علاجها ... المتكسرة
- غضب أبو حسام عند سماعه هذا الكلام :
- وما أدراك أنها متكسرة ؟ أنا لم أقل لأحد بذلك .
- رأيتك تترنح عندما تفاديت تلك العانس لحظة هجومها عليك ، وبحكم خبرتي كطبيب ...
- أنت طبيب ؟
ابتسم زهدي وعلم أن خطته قد نجحت ومبتغاه قد وصل إليه خاصة بعد سماعه من أحد الحراس عند نقل المضيفة زينب عبدالله أن المعالج الذي يقوم بمعالجتهم كان جزاراً قبل أن يمتهن هذه المهنة فابتسم قليلاً وقال :
- رغم أن جراحة العظام ليست من اختصاصي إلا أنني ... نعم .. طبيب .
استبشر أبو حسام كثيراً فنادى الحراس بفك القيود من رجلي الطبيب :
- ما أسمك يا دكتور ؟
- زهدي في خدمتك يا سيد الكل
- هل من أحد من معاونيك أو من يساعدك في مهمتك كطبيب للإمبراطور ؟
تلفت زهدي في طابور العبيد ووقعت عيناه على صديق عمره نسيم الذي كان ينظر إليه بأمل كبير ورجاء أن ينقذه من مصيره في منجم الفحم ولكن البيطري تجاهل نظراته والتفت ناحية سيده الجديد :
- لا يا مولاي الإمبراطور .. أنا لوحدي .. أريد ممرضات تساعدني على إتمام مهمتي الطبية على أحسن وجه .
- كم ممرضة تريد .
ابتسم الطبيب البيطري ابتسامة خفية وقال :
- لا أعلم يا مولاي العدد الفعلي ولكن لو سمحت لي أن اختارهن بنفسي، فالممرضة يجب عليها أن تكون بهيئة ومواصفات معينة .
- لك ذلك يا دكتور .

قبل أن يتحرك أبو حسام من مكانه لمتابعة اقتياد العبيد الجدد لمنجم الفحم ، اقتربت منه آلاء بحذر وخجل ، نظر إليها نظرة احتقار واشمئزاز بطرف عينه اليسرى :
- ماذا تريدين يا عجوز النحس ؟
- طلب بسيط يا سيد الكل ؟
- اذهبي لرئيسك المباشر سنابسي الهوى فهو من أصبح المسؤول عنك الآن .
- طلبي لا يستطيع إلا أنت تحقيقه .
- ماهو ؟
عندها ارتمت آلاء بقوة عند رجليه كما فعل زهدي :
- أريد أن اكون في خدمتك يا سيد الكل .
- ماذا ؟ أنتِ !!!!
- لن تستطيع من خادماتك اللاتي يقمن بخدمتك فعل ما أستطيع فعله .
ضحك أبو حسام وحاول تصور ما يمكن هذه العجوز المتصابية من فعله :
- وماذا تستطيعين ؟
- هل من خادماتك من قامت لوحدها بدون أمر منك أو تفكير في غسل قدميك بعد يوم من العناء والمشقة .
ذهل أبو حسام من هذه المعلومة التي لم تخطر بباله أبداً ونظر إلى عينيها فدهش من الطيبة الصادقة التي تشع من عينيها فاهتز على أثرها ولم يستطع الوقوف فقد تذكر أمه كيف كانت تعامل أبيه ، وكيف كان يقابلها بالجحود والنكران ، دمعت عيناه وقام من مكانه وهز رأسه موافقاً وانصرف .

تنفست غادة الصعداء عندما وجدت اشتباه ضالتها في أحد الصناديق المبعثرة في الجزء الخلفي من الطائرة والذي التهمت النار معظمه ، كان البحث عن علب الشوكلاتة أمراً مضنياً للجميع بسبب الدخان الأسود الذي كان ينطلق من الطائرة بكثافة مفرطة ولكن أوامر اشتباه كانت واضحة وصارمة ولا تتحمل الشفقة لهؤلاء المرضى وبعد وقت غير قصير عثر بعض الرجال على عدة صناديق فتحتها المقاتلة بكل لهفة حتى وجدت العلب المبتغاة وقد ساحت الحلوى منها ناحية قعر الصندوق فهلعت وأغلقت الصندوق بسرعة وأحكمت إغلاقه وطلبت من الرجال المنبوذين بحمله بسرعة على ظهر حصانها وانطلقت به جهة المياه الباردة لكي توقف عملية الانصهار والتي بلا شك سوف تجلب لها المزيد من الصفعات والركلات .

غادرت اشتباه على عجل ولكن قبل أن يلتقط المنبوذين وملكتهم الشهيق من بعد زفير فتحت عيونهم دهشة وهم يرون الملثمين واقفين أمامهم على جياد وحشية كأنهم جان انشقت الأرض وأظهرتهم بدون سابق إنذار .
تطلعت غادة إلى الفرسان الملثمين وميزت أحدهم جيداً وقالت :
- ما الذي أتى بك يا أبو قدس ؟؟ هل تبحث عن علب شوكلاتة أنت الآخر ؟
تدخل فاضل الجابر مجدداً وقال :
- قصدك شكولاتة ؟
- لا يهم
تنحنح قائد الثوار قليلاً ونظر بنظرته الغامضة والتي يشع منها وميض لونه أزرق ناحية ملكة المنبوذين :
- ماذا تفعل تلك المسترجلة عندكم ؟ لا تقولي علب الش.....
- الشكولاتة . قال فاضل الجابر
أشاح أبو قدس نظره عن المتحدث الطفيلي صاحب العيون الغائرة :
- لا يهم ... هل وصل بها حبها لسيدها أن تبحث عن هذه الحلوى في جزيرة المنبوذين ؟
هذه اللهجة الساخرة من قائد الثوار لم تعجب ملكة المنبوذين والتي شعرت بالإهانة ، ربما كانت من قبل تتغاضى عن ذلك ولكن شعورها بقرب الخلاص على يدي المخلصة المعلقة في أعلى الجبل في انتظار سطوع البرق ووميضه جعلها تقرر رد السخرية بسخرية مثلها :
- وأنت هل جاء بك ولاءك لمولاتك للبحث عن حلوى أخرى ؟
امتقع وجه أبو قدس ونظر تجاه مساعده ابوحسن والذي استل سيفه ليقطع رأس ( طويلة اللسان ) ولكن صاحب العيون الغائرة قطعت الطريق عليه :
- لو فكرت فيما أظنني أفكر أنك تنوي على فعله فمن سينقذك من الموت الأكيد ؟
ضحك ابو حسن هازئاً من فاضل الجابر النحيل والتي يكاد النسيم أن يقتلعه من مكانه :
- هل تقوى على مقاتلتي أيها (المتعضرط )
- أنا ؟ .... لا ..ولكن هل تستطيع قتال الذي بين يدي ؟
قال جملته وفتح يديه ليكشف عن يدٍ مصابة بمرض جلدي تسقط منه القلوب رعباً وتقززاً قتراجع ابو حسن بحصانه مذعوراً :
- ابتعد أيها الموبوء. وإلا أسقطتك بسهامي .
نظرت ملكة المنبوذين إليه بكل قسوة وقالت :
- وهل سهامك تكفينا جميعاً ؟
انفجر الموقف وأصبح واضحاً أن الكفة تميل لصالح من ! وكأن المنبوذين اكتشفوا للتو سلاحهم المفقود فتراجع الثوار بجيادهم للخلف فحاول قائدهم أن يسترجع زمام الأمور :
- أتينا للطائرة الساقطة بجواركم .
- وماذا تريد منها ؟
- الحديد منها يا جلالة الملكة .
ربما هي المرة الأولى التي ينادي فيها أحدهم من خارج الجزيرة غادة بهذا الاسم بدون سخرية فشعرت أنها علامة من علامات خلاصهم وأن الفرج أتٍ :
- وماذا تريدون من الحديد منها ؟
- لصنع السيوف والرماح .
- لتقتلوننا بها ؟
- لا يا مولاتي .. لمحاربة أبو حسام وأزلامه كما تعلمين .. انتم منذ زمن بعيد خارج دائرة الحرب هذه .
- قل لمولاتك .. نستطيع أن نعطيكم الحديد هنا .. ولكن بثمن ..
- بثمن ؟
- هي ملكنا ما دامت في جزيرتنا .. نحتاج لبعض الأطعمة والملابس الجديدة .. إن أردتم الحديد فخذوه ولكن بمقابل .. عد لمولاتك وقابلني غداً .
وكز أبو قدس حصانه وأمر جنوده بإتباعه إلى خارج الجزيرة . وقبل المغادرة رمى فاضل الجابر بكرة صغيرة على ظهر ابو حسن الذي تطلع إليه بغضب ووعد نفسه بجز رقبة هذا المتعضرط في أقرب فرصة .

يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق