الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

جزر الغموض - 15






( 15 )

الوجوه الجديدة في هذه الحلقة :
عبدالله الخميس



فتحت سماهر عينيها بصعوبة بالغة فقد كانت أشعة الشمس حارقة بمعنى الكلمة ، شعرت بالألم الشديد يتخلل جسدها من كل الجهات ، حاولت تحريك يديها فعجزت عن فعل ذلك ، رغم الصورة الضبابية إلا أنها استطاعت أن تتبين ملامح الحبال التي تقيد يديها، تذكرت في لحظتها أنها وقعت مجدداً في قبضة الأمازونيات ، أحست بالرعب الشديد يتملكها وهي تتخيل نفسها لقمة سانحة للوشق العظيم .
سمعت خطوات تقترب منها ، حاولت رفع رأسها إلى أعلى لمعرفة من القادم ولكنها عجزت فالحبال المضروبة بالأوتاد تجرها إلى الأرض من شعرها ومن رقبتها .
- هل استيقظتِ أيتها الخائنة ؟
كان هو صوت ريان الممتزج بالسخرية المقذعة . اقتربت منها وأطلت بوجهها الناعم والذي لا يبين مدى الوحشية الذي تمتلكه صاحبته .
- لابد أنكِ تتساءلين أين أنتِ ؟ وما هو مصيرك بعد فعلتك الشنعاء !
تلعثمت سماهر قليلاً وحاولت استجماع ذاكرتها وبقايا تفكيرها .
- تحت التهديد يا مولاتي .
- مولاتك ؟ تحت التهديد إذن ، أضحكتني يا سمورة ، وبمناسبة الضحك فسوف أضع عليك الكثير من الملح ، لا تفهميني خطأ صحيح الملح سيحرق الكثير من جروحك وسوف يسبب لك ألماً مبرحاً ، إلا أنه سوف يبعد الغربان عنك والطيور الجارحة ، سمعت أمي تقول ذلك .
قالت كلمتها وأمرت الحارسات بإلقاء سطل الملح عليها وغادرت بعدها وهي تسمع صراخ سماهر يمزق المكان .

نظرت سما بعجب صريح ناحية الرجل المحمول والمغطى بالجبس من رأسه إلى أخمص قدميه ولم تستوعب الأمر حتى بعد أن حدثها الحارس المرافق عدة مرات في محاولة لنقل الصورة كما نقلها له خليفة الإمبراطور ، وبعد أن وجد أن مديرة المنجم لم تستوعب الأمر أطلق تنهيدة طويلة :
- لا أستطيع أن أشرح أكثر من ذلك ، هذه هي الأوامر من قبل الجهات العليا وما علينا إلا التنفيذ ، وقعي هنا من فضلك .
قال جملته وهو يخرج ورقة مصنوعة من نبات البردي ، استشاطت سما غضباً :
- لن أوقع حتى تفهمني من هذا الرجل أريد جميع المعلومات عنه : أسمه ، عمره ، عنوانه السابق ، عنوانه الحالي ، حالته الاجتماعية ، تهمه ، الأمراض الجنسية المعدية وغير المعدية .
- كل ما أعرفه عنه أنه مصاب بمرض معدٍ ولذلك فقد تم تجبسيه ، وما أعلمه أيضاً أنه متهم بتهمة خطيرة وهي محاولة اغتيال الإمبراطور ، في حال رفضك استلامه فسوف اضطر للرجوع وإخبار الإمبراطور بما حصل ليتخذ اللازم .
أخذت سما تفكر في الأمر وعلمت أنها لن تجد نتيجة من حوار الطرشان هذا مع شخص لا يعلم شيئاً ولذلك فالأفضل تقصيها عن حقيقة الأمر بنفسها فأمرت الحرس بإدخال الرجل المجبس إلى زنزانة خاصة لا تتوفر فيها أدنى سبل العيش ، وبعد أن انتهت من تعليماتها نظرت تجاه كل من اشتباه و آلاء اللتان يبدو أنهما في حالة صدمة عاطفية أصابتهما بالهستيريا الصامتة . أخذت تنظر تجاه الأخيرة بغرابة فهذه هي المرة الأولى التي ترى فيها أنثى بهذا الحجم وفي ذات الوقت مهزوزة الشخصية ، فقد كانت آلاء تقضم أظافر يديها ورجليها مما ينم عن عقد نفسية داخلية مضطرمة ومتأججة ومشتعلة تكاد أن تنفجر فسارعت سما ( التي كانت قبل قدومها لمثلث برمودا متخصصة في علم النفس قسم السلوكيات العدائية والمتلازمة الانفعالية ) بحل هذه المشكلة البسيطة والتي من الممكن أن تتفاقم في حال تركها بالقيام بالرفس والركل والتنكيل بآلاء المسكينة التي شل لسانها من جراء هذا التصرف الأحمق ( حسب وجهة نظرها ) وبدت يديها في التشنج العنيف رغم أن رفسات سما المتتالية لم تكن تسمح لها بأكثر من ذلك . وبعد أن انتهت مسئولة المنجم من إشباع ساديتها أخذت تلهث بقوة بصوت يشبه الخوار وهي تنظر بشرر ناحية اشتباه التي اصفر وجهها وأصابع رجلها اليمنى فحاولت أن تزحف ولكن سما التي اشتهرت بمهارة ضبط النفس السريع ابتسمت ابتسامة صفراء شامتة :
- يبدو أنه تم التنكيل بك من قبل من أخلصتي له ! لو كنت مكانك لندمت أشد الندم عندما سددت سهامي ناحية المهرج العجوز سنابسي الهوى لترجح كفة هذا الخائن . أنظري ماذا حل بك الآن ؟
بلعت اشتباه ريقها بصعوبة وحارت في الجواب المفترض ولكن سما التي فضت ورقة البردي لتعرف تهمة كل منهما جعلها تتوقف لمعرفة ما ستقوله هذه الديكتاتورية المتجبرة :
- اممم آلاء هذا هو اسمك أيتها السمينة ... الخيانة العظمى والمؤامرة مع الأعداء والمتمثل في الخائنة اشتباه لإسقاط نظام الحكم وتهريب الأسلحة والتعاطي مع مخابرات أجنبية .. يبدو أنك خطيرة من حيث لا أعلم يا ... آلاء ، أما أنتِ يا اشتباه لم تحدد الصحيفة تهمتك بالضبط لتصبحي خائنة ، ماهي تهمتك بالضبط .
- الشوكلاتة .
ضحكت سما من بطنها بقوة شديدة فقد فهمت ما يجري :
- بالفعل إمبراطورنا غبي ، يضحي بإخلاصك من أجل قطعة شوكلاتة .. ياللعار ، ألم أقل لكِ تعالي معي لنحكم هذا المكان ومن ثم نسيطر على الجزيرة ولكنك فضلته ، تستحقين ما أصابك .
ما أن انتهت سما من موعظتها الشامتة حتى صرخت بأعلى صوتها منادية الحراس الذين وقعت قلوبهم ناحية الأرض وجفلت أفكارها وطارت في السماء .
- خذوا هاتين الاثنتين وضعوهما في أسوأ زنزانة لدينا ولا تطعموهما إلا مرة كل ثلاثة أيام وبالخبز الجاف فقط .
علمت كل من آلاء واشتباه أن نهايتهما قد قربت ووداعاً لأي أمل قد انتابهما قبل ذلك .


توقف كل من بحراوي ونسيم عن ركضهما المتواصل وهما أمام كائن مرعب متفحم الشكل غير واضح المعالم ومنتوف الشعر ، تراجعا خطوات حذرة وقد قررا أن يلوذا بالفرار حالما تبدر من هذا الكائن الغريب أي علامة بالهجوم ، ولكن بحراوي شعر بشعور غريب ينتابه وهو يتأمل الكائن المنكسر والذي كان ينظر إليه بمزيج من الدهشة والخوف والأمل :
- نحن لسنا أعداء ولا نريد شراً بأحد
هكذا قال بحراوي ليجس الموقف الذي من الممكن أن يتخذه الكائن وكانت مفاجأتهما عندما نطقت zamob التي تقف في مواجهة زوجها بدون أن يعرفها :
- وأنا أيضاً لا أنوي شراً .
- أنتِ إنسان ؟
قالها نسيم بشيء من الاستغراب ، نظرت إليه zamob بعمق وقد تذكرته فهو من ركاب الطائرة ، كادت أن تقفز فرحاً وتعلن عن نفسها ولكن هيئتها ومنظرها القبيح جعلها تعيد حساباتها وتتبرأ من نفسها :
- أسمي زمزم .( وتعني الميتة العائدة للحياة في بعض اللغات الإفريقية القديمة )
- اسم غريب ، وأنا بحراوي وهذا صديقي نسيم ، سقطت طائرتنا هنا وقبض علينا رجال الإمبراطور أبو حسام لاشك أنك تعرفينه .
هزت zamob رأسها نافية معرفتها به .
- لست من قاطني هذه الجزيرة .
تطلع بحراوي جهتها وقد تذكر زوجته zamob وسقوطها في طائرة تحترق فأخذ بالربط بينهما :
- هل تعنين أنك جديدة هنا مثلنا ؟
شعرت zamob بما يرمي إليه زوجها السابق فعادت بهز رأسها نافية رغم الألم المبرح الذي ينتابها جراء هذه العملية بسبب تهتك الأنسجة العضلية :
- لا ولكني كنت قاطنة في جزيرة أخرى .. قريبة من هنا .
- هل هم أناس طيبون مثلك ؟
قالها نسيم بشيء من الأمل ، فشعرت zamob بالمأزق وحارت في أمرها فتدخل بحراوي :
- ربما لا تريد أن تفصح لنا ولو كانت مرتاحة هناك لما وجدتها هنا .
- خسارة هذا يقلل احتمالية نجاتنا .
التفت بحراوي جهة المشوهة :
- هل كان لديك وجهة معينة ؟
- لا .. كانت هائمة على وجهي .
- نحن نبحث عن مكان آمن ، فهل لديك أي مقترح .
هزت رأسها مجدداً وقد شعرت بالتعب الشديد فجلست تلتقط أنفاسها ، عندها تحرك بحراوي ونسيم لمغادرة المكان ، تطلعت إليهما بحزن وهما يبتعدان عنها فأجهشت بالبكاء .


غمس حسن علي نعاله الزنوبا وردي اللون في الوحل وأخذ يتشممه جيداً مع علامات الاستغراب والدهشة في محيا الجنود من تصرف قائدهم ولا سيما ماضي الذي شعر أن هذا الصبي يتلاعب بهم ليشعرهم بأهميته ، بعد أن انتهى من التشمم قرب النعال لأذنيه وكأنه يستمع لما يقوله ، ضرب ماضي على وجهه وشعر بالمصيبة التي سوف تحل بهم إن استمر هذا الغر في ألعابه الصبيانية .
- هل وجدت شيئاً أيها الغـ... أقصد القائد ؟
- لحظة سمعتك تنطق الغـ وليس القـ ماذا كنت تريد أن تقول ؟
ضحك ماضي بحرج :
- هل نسيت يا حضرة الغائد إن أصلي من سيهات ونحن هناك ننطق القاف غين .
- يبدو أنك حنيت لأصلك ... ما أفعله ليس من شأنك فهذا اختصاصي الجديد الذي تعلمته في الآونة الأخيرة والذي تظن أنني كنت أقضيه في لعب الورق والقمار .
- وماهو هذا الاختصاص ؟
- علم الحفر .
- قصدك الأثر
- الأمر سيان .
- وهل أخبرك نعالك الزنوبا أمراً ؟
أحمر وجه حسن علي وشعر بالإهانة الشديدة فانتفض من مكانه واستل سيفه
- هذا ليس مجرد نعال زنوبا .. هذا شووي ..هذا الذي لن تفهمه ولاغيرك .. فإن قلت هذه الكلمة مجدداً قطعت لسانك .. ما أسمه ؟
تلعثم ماضي وعلم أن نهايته قد شارفت :
- شووي طال عمرك
نظر حسن علي إليه وقد أحمرت عيناه :
- هل هذا الذي علمتك إياه ؟
- اسف طال عمرك ... أسمه شووي يا حضرة القائد المبجل والرئيس المحنك الذي لا يدخر جهداً في سبيل رفعة الثوار ويقضي على كل من يريد شراً بهم من أمثالي ولذلك فأنا أقترح عليك أن ترفسني وتضربني كف على وجهي وقرصة في خدي .
ابتسم حسن علي وطبطب على كتف ماضي الذي تشنج وجهه ورقبته وفخده الأيسر :
- عفية عليك يا ماضي ... ماذا كنت تسأل ؟ آه .. هل أخبرني شووي أين مكان مدينة المنبوذين .. لحظة
قالها وقرب النعال مجدداً من أذنه ثم همس له ببضع كلمات ثم ضحك وكأنما سمع نكتة :
- يقول شووي أنه من ذلك الاتجاه
قالها وهو يشير تجاه الغرب ، ولكن ماضي الذي ما زالت الإهانات تتملكه ولكنه لم يستطع الصبر على ترهات حسن علي وخزعبلاته :
- ولكن ... يا حضرة القائد هذه الجهة هي جهة البحر فكيف نعود أدراجنا ؟
وقبل أن ينطق حسن علي جاء أحد الجنود مهرولاً :
- سيدي القائد .. لقد وجدنا قرية المنبوذين .
بانت علامات الترقب في وجهي كل من حسن علي وماضي فنطق ماضي وهو يترقب إحراج حسن علي :
- أين ؟ في أي جهة ؟
- هناك في الغرب

كانت حالة بتول محمد النفسية وصلت لأقصى درجة التعقيد فبعد أن انقرضت قطط الجزيرة جاء دور وزغ الجزيرة التي بدأت في التناقص فزادت أعداد الحشرات التي كان وزغ الجزيرة يقتات عليها بشكل غير مسبوق فضجت الناس وهم يفسرون الأمر بغضب من السماء عليهم بسبب سوء سلوكهم وأخلاقياتهم التي انحدرت إلى أسفل السافلين ، فهب الوعاظ إلى منابرهم يعظون الناس ويذكرونهم بالأمم السابقة التي ابتليت بالفيضانات والتسونامي والحيوانات الضارية والحشرات القاتلة وهذه الظاهرة هي بداية النهاية ولذلك وجب عليهم دفع الصدقات وتقديم القرابين والنذور ليحل عليهم الرضا بدلاً من السخط .
أخذت بتول محمد وزغ من ذيله وهي تتأمله في محاولة للإفلات من يده بدون فائدة ترجى وكأنه علم بمصيره الأسود وأخذت تغمزه بأصابعها الضخمة وترعصه وتعصره وتصرعه وقربته من فمها الضخم لتنهي مأساته وقبل أن تقدم على فعلتها دخلت عليها أمها العجوز همس 2007 فنهرتها عما تفعل فما أن سمعت بتول محمد نهر أمها لها حتى أصابها السعار فكشرت أنيابها وأصاب عينيها الجحوظ وقفز الشعر من يديها كالإبر الصينية ، تراجعت همس 2007 وعلمت أن عقدة أبنتها في ازدياد فأخرجت عروسة صغيرة وابتسمت ابتسامة رقيقة مع ترقيق في الصوت :
- أنظري ماذا أحضرت لك يا بتولتي .. يا بتوله .. يا بتوووله بثلاث واوات عروسة
ما أن سمعت بتول كلمة عروسة التي ذكرتها بدبدوبتها ~ زمردة ~ حتى تشنجت وهجمت على اللعبة الصغيرة وقامت بتمزيقها بيديها وأسنانها وقد أفلتت الوزغ من يدها والذي هرب لأقرب مخباً في الأرض ليحذر أقرانه من العذاب الذي ينتظرهم إن ظهروا على السطح .
نظرت همس 2007 تجاه أبنتها بخوف وهي تحاول أن تجد طريقة مناسبة لتهدئتها :
- آه اعلم ماذا تريدين ، ملاس .. أليس كذلك ؟
ما أن سمعت كلمة ملاس حتى تذكرت دبدوبتها ~ زمردة ~ مجدداً فأخذت تضرب رأسها في الجدار حتى تصدع فخشيت الأم من تهدم البيت على رؤوسهم فحاولت تهدئة أبنتها فما كان من الأخيرة إلا أن ضربتها بكوعها فسقطت أرضاً وأخذت همس 2007 تحبو على ركبتيها إلى الخارج هرباً من الوحش الذي سكن أبنتها ولكن بتول محمد الذي بدأ التسعر يتمكن منها أخذت في تتبع أمها في محاولة للقضاء عليها وما أن أطلت برأسها للخارج حتى سقطت الشباك والحبال عليها من جميع الجهات وعشرات الرجال الأشداء حولها وهم يحاولون تثبيتها إلى الأرض / نظرت همس 2007 إلى أبنتها بحزن :
- أسفة يا أبنتي هذه هي الطريقة الوحيدة .. لقد وعدوني بأنهم سوف يحسنون معاملتك في مشفى الإمبراطور للأمراض العقلية .
ما أن سمعت بتول محمد هذا الكلام حتى انتفضت وقطعت الشباك وضربت الرجال الذين تساقطوا من جميع الجهات الأصلية والفرعية وولت هاربة نحو الغابة تؤازرها صيحات أمها الثكلى .


وغير ذات بعيد وقف الخليفة زهدي ينظر بتعجب ناحية أطفال يحملون سلالاً صغيرة وهم يركضون على رجلٍ واحدة متجهين جهة النهر
كان بجوار الخليفة مساعده الجديد عبدالله الخميس والذي كان يشغل في السابق منصب جنرال في جيش الأحتياط والذي ببداهته علم ما سيؤول له الأمر لو عارض الخليفة في خيمة الاجتماعات فأخذ يهتف بالروح والدم لينقذ نفسه ويتزلف إليه لعله يجد الفرصة السانحة في اعتلاء المراتب التي كان محروماً منها في عهد الإمبراطور الغابر أبو حسام ، وهذا ما حصل عليه .
نظر إليه الخليفة وأشار تجاه الصبية :
- ماذا يفعل أولئك الصبية ؟
ابتسم المساعد بثقة :
- إنها الجوحلة يا مولاي ؟
وعندما رأى عدم علامات الفهم على محيا الخليفة أردف :
- تقليد قديم جداً منذ عصر الأجداد نمارسه بالقفز على رجل واحدة لنصل إلى النهر ونرمي بعدها السلة التي تحوي بعض الأزهار البرية والتي جاء بها الأجداد من وطننا الأم في مياه النهر كتعويذة لجلب الحظ ونعود لديارنا .
- وهذا التقليد متى ؟
- يوم في السنة ويصادف هذا اليوم .
- وفي أي يوم نحن.
- نحن لدينا تسمية مختلفة عما لديكم في الوطن وسنواتنا تؤرخ حسب قدوم أول الوافدين إلى هنا وسطرهم تاريخ الجزر ، فنحن الآن في شهر kin key في اليوم التاسع عشر وهو يوم وصول الوفد الأول في تاريخ الجزيرة .
ابتسم زهدي ابتسامة من يفكر :
- يا عبدالله الخميس اصدر فورماناً خليفياً يأمر بتحويل تقليد الجوحلة إلى مهرجان يعم الجزيرة بأكملها وسوف يكون مهرجاناً تراثياً – ثقافياً – ترفيهياً وركز على ترفيهياً كثيراً فنحن بحاجة إلى سيولة لتمويل الجيش .
أدى عبدالله الخميس التحية العسكرية واتجه إلى تنفيذ أوامر مولاه الخليفة .


في جزيرة الحشاشين كان عاشق المسرح في قاعة الاحتفالات ينظر تجاه ملكة الأمازونيات والوفد المرافق لها بينما كانت أزهار بريه تتجاهله تماماً وكأنها لا تراه وتركز نظرها على خشبة المسرح التي امتلأت بالراقصين والراقصات في اوبريت افتتاح لقاء القمة .
جال بنظره إلى الموجودين فقد كان حاكم الجزيرة يوسف آل ابريه وعلى يمنيه سنابسي الهوى وأحمد علي و على يساره ملكة الثوار نبع وبجوارها مستشارها مالك القلاف وعلى غير بعيد كانت ملكة الأمازونيات جالسة وهم يتابعون فقرات الحفل بانسجام تام .
بعد برهة صغيرة قامت ملكة الأمازونيات متعذرة بالذهاب إلى دورة المياه وطلبت من مرافقاتها بالمكوث في أمكانهن فلا سبب يدعوهن لذلك فـ :
- الدنيا أمان.
قام عاشق المسرح من فوره متعذراً بشرب سيجارة حشيش فقد أصابه الصداع بسبب صوت الموسيقى ، لم يشك أحد إلى أين كان متجهاً فقد كان الجميع منشغلاً بالفقرات الاستعراضية الكبيرة والمثيرة ، وما أن وصلت ملكة الأمازونيات عند باب دورة المياه حتى انعطفت قليلاً بعد أن اطمأنت أن لا أحد يراها وأتجهت إلى السلالم حيث كان عاشق المسرح في انتظارها وما أن التقيا حتى أقبل عليها وقبل جبينها ويديها فذرفت الدمع واحتضنته وقبلته في نحره ومسدت شعره :
- وحشتني يا بعد طوايفي
- وأنتِ كذلك يا أمي . هل استقررت على قربانك الجديد . ارشح أربعة أولهم حاكمنا يوسف فأنا أكرهه كره العمى ، وذلك المهرج العجوز سنابسي الهوى ومرافقه أحمد علي وأخيراً مساعد ملكة الثوار مالك القلاف فمن تختارين
ابتسمت الملكة وعادت إلى تمسيد شعر أبنها متخللة بأصابعها بكل حنان :
- أريد فحلاً قوياً وضخماً ليكون غذاء الوشق الدسم ، أظنني سوف أختار أحمد علي



يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق