الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

جزر الغموض - 13






( 13 )

الوجوه الجديدة حسب الظهور :

الفارس النبيل

مجنونه

سديم

ذاكرة الرمل




تقدم A.M.A جنوده عند وصوله قبيلة الشيروكي وقد بان التعب على محياه ولكنه بذل جهداً كبيراً في إظهار الجلد والشجاعة والعزم ،الرحلة لم تكن بتلك السهولة التي كان يتصورها فما بعد الصحراء الكبرى وجد الجميع بحراً شاسعاً أمامهم فركبوا قواربهم المعدة لهذا الغرض ترافقهم تعويذات ساحر القبيلة حكيم لحمايتهم من السقوط في الهوة الساحقة فقد كانوا يظنون أن ما بعد أرضهم هوة ساحقة تسقط فيها الأجسام الترابية وتحلق من خلالها الأجسام النورانية .
في رحلة السير تعرضوا لهجوم الحيتان المتوحشة والتي فقد فيها A.M.A بعضاً من رجاله في معركة شرسة ولكنهم في النهاية استطاعوا النجاة والوصول إلى بر الأمان رغم عدم توقعهم بوجود أماكن أخرى تشبه عالمهم .
ولم تكن العودة سهلة أيضاً فالصواعق كانت تملأ السماء مما جعل الجميع يرفض مغادرة الشاطئ إلا بعد انتهاءها ، وصادف وجود عاصفة من الغبار أثناء عودتهم مما جعلهم معرضين للغرق ولكنهم في النهاية وصلوا إلى بداية الصحراء ، هناك التحم الجميع في معركة أسطورية مع بعض الذئاب الشرسة وبالطبع كانت الغلبة الساحقة للمقاتلين الأشداء بل أصبح لحم الذئاب وجبة فاخرة في تلك الليلة المتعبة .
كان في استقبالهم ساحر القبيلة المهيب الذي كان يتطلع إلى الجنود بكثير من الفضول بعينيه اللوزيتين الحادة وقد أصفر لون وجهه أكثر من ذي قبل ، ترجل A.M.A من جواده الملون وجثا على ركبته اليمنى علامة خضوع للأب الروحي للقبيلة :
- لا أرى النار المقدسة يا A.M.A .
- جئنا بها وهي في مكان أمين يا حضرة الساحر المبجل .
- أنبأتني الأرواح بذلك ، سعيد بتقدمك ، سوف نقيم الليلة حفلاً لكم بمناسبة رجوعكم ولتتويجك زعيماً لقبيلة الشيروكي بعد أن تشعل النار المقدسة .
ابتسم A.M.A ابتسامة رضا ونظر تجاه أبيه الفارس النبيل الذي بادله الابتسامة بكل فخر فهاهو أبنه سيصبح خليفته في زعامة القبيلة .
قبيلة الشيروكي قبيلة من الهنود الحمر كانوا مجرد أفراد هاربين من بطش الغزاة الأسبان في قارب صغير عندما هبت عليهم عاصفة شديدة كادت أن تغرقهم جميعاً لولا دخولهم النفق المضيء فوجدوا أنفسهم في مكان غريب لم يروه من قبل ، تكاثر أفراد القبيلة بعد ذلك وأصبحوا امتداداً لقبيلتهم الأم بجميع الطقوس والعادات ، كانوا يظنون أنهم الوحيدون في هذا المكان ، بل كانوا واثقين من ذلك فقد اخبرهم السحرة تلو السحرة أنها نهاية الأرض وما بعد البحر لا يوجد إلا هاوية سحيقة . حدث النار القادمة من السماء قلب الموازين فسر النار لا يمتلكه ساحر القبيلة ومصدر النار الوحيد كانت الصواعق ، فعندما تضرب الصواعق يستبشر من في القبيلة فيذهبون إلى الغابة للحصول على النار من الأشجار المصعوقة ويحاولون جعلها تطول أكثر فترة ممكنة بإضرامها بواسطة الحطب مما جعلهم يستعينون بحراس للنار ولكن وجود القبيلة في مكان مكشوف في الطبيعة يجعلها عرضة للأمطار والرياح التي تساعد على إطفاءها مهما كانت درجات الحماية ، حاول الشيريكيون وضع النار في خيمة خاصة ولكن الحريق الكبير الذي كاد أن يقضي على القبيلة جعلهم يتراجعون عن الفكرة من أساسها مع خطبة كبيرة وعريضة ألقاها على مسامعهم الساحر الكبير حكيم عن غضب الأرواح بسبب عصيان القبيلة لتعاليمها وانتشار الفسق والفجور وعظائم الأمور .
ما أن دخل A.M.A الخيمة حتى استقبلته أمه العجوز مجنونه - والتي سميت بهذا الاسم بسبب فقدان أبنيها - واحتضنته بقوة والدموع تبلل محياها وهي تشير إليه بمدى خوفها عليه ، أمسك الأبن المحب بيد أمه البكماء وقبلها برفق واشار لها أن لديه خبر مهم سوف يخبرها لاحقاً . لحظات والزعيم السابق كان في خيمة أبنه الذي احتضنه بشدة فقد كان يائساً من عودته فهو الابن الثالث الذي يتعرض لمثل هذه الاختبارات القاسية تحت مسمى اختبارات الرجولة التي من خلالها يتحدد كونه زعيماً للشيروكي من عدمه ، فبعد ابنيه فاضل الجابر و مالك القلاف اللذان ذهبا في اختبار الرجولة ولم يعودا مما جعل الفارس النبيل زعيم القبيلة الذي بلغ من العمر عتياً يتيقن بذهاب الزعامة لمن يختاره ساحر القبيلة حكيم خلفاً له .
- أبي ؟
- ليس الآن . ارتح في خيمتك وسنعاود الحديث فيما بعد
- فاضل الجابر لم يمت
تدفقت الدموع بشدة من عيون الوالدين اللذان عقدت الدهشة لسانهما لهول ما سمعاه فأخذت مجنونه تلوح بيديها تطلب منه أن يعيد كلامه بلغة الإشارة فهي وإن كانت تجيد لغة الشفاه لمعرفة ما يقوله الطرف الآخر إلا أنها كذبت نفسها أو أنها أرادات أن تكون القراءة صحيحة .
- يا أمي .. أبنك فاضل الجابر مازال حياً .
ما أن تأكدت مجنونه من المعلومة التي نطق بها أبنها حتى سقطت على الأرض مغشياً عليها .

وضع izaq يديه على بطنه وطلب من رفيقيه التوقف قليلاً ، تأفف نسيم من ذلك الأمر ونظر تجاه بحراوي يستشيره ولكن izaq سقط من طوله على الأرض :
- لو أرى سما نفسها أمامي لن أتزحزح من مكاني
ما أن قال izaq جملته هذه حتى انغرس سهم في باطن قدمه مما جعله يصرخ بأعلى صوته ، هلع كل من نسيم و بحراوي ولم يعرفا ما يفعلانه فلاذا بالفرار ظناً منهما أن رجال سما هم من اطلقوا السهم على izaq الذي ما أن رأى رفيقيه يهربان حتى حاول اللحاق بهما ولكن السهم المغروس والألم الشديد جعله يظن أن الموت أقترب منه . لحظات بسيطة وفتاة في مقتبل العمر تقترب منه ، نظر izaq إليها بكل رجاء ألا تقتله وهو ينظر لجعبة السهام في يدها ، حاول أن يستعطفها ولكن ركلة بمؤخرة قدمها على أنفه جعله يسقط ويتحير في شعوره بالألم أين يكمن في الأنف أم في القدم ، حاول النهوض مجدداً لكي يحاول الفرار ولكن الفتاة عاجلته برفسة في خاصرته فسقط على الأرض . أخرجت الفتاة سكيناً لتقطع حلقه من الوريد للوريد ولكن صوتاً جاء من الخلف :
- كفى يا سديم .
- دعيني اقتله فلابد أنه أحدهم .
- لا يبدو من شكله أنه أحدهم بل هو أقرب لذلك المغفل هاني بن محمد (اللي طاح بكبدنا )
ما أن سمع izaq اسم هاني حتى جثم عند رجلي سديم التي حاولت ركله بدون فائدة بعدما تمسك برجليها الاثنتين حتى كادت أن تسقط :
- أرجوك أخبريني أين هو هاني بن محمد .. أين هو .. هل ما زال على قيد الحياة ؟
ابتسمت الفتاة الأخرى :
- ألم أقل لك يا سديم .. الطيور على أشكالها تقع
- وما ذنبنا يا ذاكرة الرمل أن يقع في حظنا هؤلاء المغفلين .
- لا عليك .. سوف نجد حلاً للتخلص منهما .. هيا بنا الآن إلى المخبأ .
قالت ذاكرة الرمل جملتها وأخذت izaq من شعره وجرته بكل قوة وهو يمشي على رجل واحدة .

كان جميع القادة في الخيمة الإمبراطورية وقد جلس زهدي على عرش الإمبراطور وبجانبه زينب عبدالله ، تجاهل زهدي نظرات القادة وهم يتطلعون إليه باستغراب ، كان الجنود منتشرين بكثافة في الخيمة حسب أوامر زهدي مما جعل الموقف متفجراً بالحذر ، استلهم الطبيب البيطري شجاعته بالضغط على يد المضيفة الحسناء التي بادلته الضغط الخفيف تشجيعاً له ليمضي قدماً فيما خطط له :
- الإمبراطور العظيم أبو حسام يبلغكم السلام .
جال بعينيه في وجوه القادة ليعرف ردة فعلهم فلما رأى الفضول لمتابعة حديثه ابتسم ابتسامة خفيفة :
- وهو يبلغكم أنه ذاهب في رحلة طويلة الأجل ليتأمل في هذه الحياة الفانية .
تعالت الهمهمات من الجميع وبلع ميلاد صوته الذي كان يتسمع الاجتماع من خلال شق صغير في الخيمة وعلم أن هناك ما يتم تدبيره ، فأرهف سمعه عله يعلم ما يجري .
- وقد أبلغني أن اخبركم لكي لا تتم الفوضى في الإمبراطورية بقراره بوجوب وجود خليفة له في غيابه .
نظر القادة إلى بعضهم البعض في محاولة استشفاف من يكون هذا الخليفة ومنى كل واحد منهم نفسه .
- وكما ترون فإن هذه المهمة الصعبة في الاختيار أخذت من الإمبراطور جهداً كبيراً وفي النهاية ........
وقف زهدي وأخرج ورقة مختومة عليها بالختم الإمبراطوري ليزيل الشكوك :
- قرر اختياري لأكون خليفته إلى أن يرجع هل هناك من اعتراض ؟
ساد الصمت في أرجاء الخيمة ونظر زهدي في الوجوه متفحصاً عمن يكون متردداً أو لديه الرغبة في الاعتراض فوجد ثلاثة من القادة لم يرتح إليهم منذ البداية وقد شعر بوجود خطر من بقاءهم ، ابتسم قليلاً وجلس على كرسيه مسترخياً :
- وبعد أن انتهينا من مهمة الخليفة يؤسفني أن أبلغكم من خلال ما قاله لي أبو حسام الذي وصلته تقارير خطيرة بوجود خونة من بيننا .
بلع الجميع ريقهم وعلموا أنها نهايتهم قد حلت فأخذوا بالبكاء والانتحاب الصامت . ماسكاً بيد زينب عبدالله ومشيراً بيده اليسرى إلى القادة الثلاثة والذين بدت عليهم علامات الاستسلام والخنوع والشيخوخة المبكرة ، فاقتادهم الجنود إلى الخارج حيث كان في انتظارهم اشتباه المقيدة بالأصفاد وبجانبها آلاء المنتحبة والمذهولة مما يجري وأخيراً أبو حسام فوق حمالة خاصة مستغرقاً في النوم . خرج زهدي وأشار للجنود باقتيادهم إلى منجم الفحم وقبل أن يتحركوا استوقفهم واضعاً يده على أبو حسام متوجهاً بكلامه لجندي الحراسة :
- قل لرئيسة المنجم أن تتوخى الحذر من هذا اللئيم فقد حاول اغتيال الإمبراطور العظيم وامتصاص دمه الطاهر ، وخذ هذه القارورة لتسقيه كلما استيقظ من نومه وأوصيها بوضعه في زنزانة خاصة خوفاً من أن ينقل العدوى للعبيد .
هلع الجندي عند سماعه كلمة العدوى :
- هل هو مريض يا سيدي الطبيب ؟
استشاط الطبيب غضباً ولكنه مسك أعصابه وابتسم :
- لو لم يكن مرضه معدي هل ستجده بهذه الحالة ؟ لا تخف لن يعديك ما دام هو مغطى بالجبس .
- شكراً يا سيدي
- والأهم منذ اليوم اسمي ليس السيد الطبيب وإنما خليفة الإمبراطور أو الخليفة ... مفهوم
قال الكلمة الأخيرة وهو يصر على أسنانه ، ادى الجندي التحية وأمر الجنود بالمسير ومن حيث لا يشعرون كان ميلاد في أثرهم .

نظرت zamob جهة البحر وهي في حالة يأس شديد من حالتها التي بلا شك لن تستطيع الشفاء منها ولو عرضت نفسها لمئات عمليات التجميل فالتفحم والتشوه أخذ من وجهها وبقايا جسدها كل شيء ، فكرت بالانتحار وجزمت على ذلك وبما أنها لا تجيد السباحة فبلا شك فإن هذه المياه هي المناسبة لهذه الفكرة ، أرخت عضلاتها عند مرور خاطر الانتحار ومشت خلالها ببطء وهي تتلمس المياه الباردة التي انتفى خلالها الشعور بسبب تلف الخلايا العصبية الموصلة ، أخذت تمشي وهي تنتظر أن تهبط فجأة في المياه العميقة ولكن بدون فائدة ترجى ، مشت ومشت بدون أن يصل الماء إلى عنقها ، فكرت بالرجوع ولكن رؤية الضفة الأخرى جعلها تقرر المضي في السير فلربما وجدت بصيصاً من أمل .

ما أن دخل الناي الحزين الكهف حتى امتلأت خياشيمه برائحة الطبيخ النفاذة التي اعدتها ~ زمردة ~ فهجم على القدر ورفعه وانزوى في زاوية وأخذ يلتهم الطعام بكل شراهة ، ابتسمت ~ زمردة ~ وعلمت أن السيطرة على هذا الوحش ليست بالمسألة الصعبة فما أن تتحرك حاسة الجوع لديه والمتمثلة في معدته التي لا تشبع حتى يصبح هذا الوحش المسمى بالناي الحزين سهل الانصياع .
تقدمت خطوات بسيطة لتشاركه الطعام ولكن عينا الناي الحزين لمحت تقدمها فزمجر بشراسة محذراً إياها بمجرد التفكير أن تقترب من طعامه ، تراخت ~ زمردة ~ وجلست في الركن المقابل ، و حالما انتهى من نهش اللحم من عظمة الفخذ حتى نظر تجاه أسيرته ورمى لها بقايا العظم ، شعرت ~ زمردة ~ بمزيج من الإهانة والإذلال فأخذت العظم لتلحس بقاياه فهي منذ يومين لم تتناول أي لقمة وما حصلت عليه حتى الآن مجرد قطعة عظم منهوشة كانت بين خيارين أحدهما مر إما أن تستسلم لرغبات رجل الكهف أو أنها تصبر على جوعها لتحارب بإستراتيجية جديدة وبالفعل قامت من مكانها واتجهت بكل قوة جهته والذي توقف عن الطعام وهو يراقب بحذر ما تفعله تلك الأنثى .
رمت ~ زمردة ~ بالعظم عند رجلي سيدها وغادرت إلى ركنها وانزوت على نفسها . نظر الناي الحزين جهتها مشدوهاً من هذا التصرف الذي لم يفهم معناه ولكن بعدها أكمل طعامه وكأن أمراً لا يعنيه .

استيقظت سماهر لتجد نفسها محاطة بثلة من الأمازونيات تتقدمهن القائدة الفذة ريان والتي ابتسمت بهدوء شديد :
- مرحباً بعودتك من جديد سموره العزيزة .
ثم أشارت إلى بَعْـثَرَة .., بالاقتراب :
- ألا تظنين أنها تحتاج إلى عناية خاصة .



يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق