السبت، 23 أكتوبر 2010

جزر الغموض - 9





( 9 )

الوجوه الجديدة في هذه الحلقة :

نبع

جزيرة الثوار ، الجزيرة الصعبة بالنسبة لإمبراطور الشر ( أبو حسام ) كما يطلق عليه الثوار هذا الاسم ، جزيرة ذات أشجار كثيفة متلاصقة ومرتفعة ، من لا يعرف الجزيرة يتوه فيها بسبب تشابه الأماكن والمناظر ، ولذلك فقد كانت هي المخبأ المثالي لكل من يخرج عن طاعة إمبراطور الشر ، كانت بدايتها بهروب عدد قليل من خدمة أبو حسام إلى هذا المكان ، كان هروبهم خوفاً وقد حاول رجال الإمبراطور القبض عليهم بدون فائدة فالأشجار كانت عبارة عن متاهات طبيعية من يدخل فيها لا يستطيع الخروج منها إلا بشق الأنفس ، ومع مرور الوقت زاد عدد الهاربين من بطش الإمبراطور ، كانت الغابة ذات ثروة هائلة من الحيوانات والنباتات مما شكل للهاربين اكتفاء ذاتي من ناحية الغذاء ولكن من ناحية الأمن والأمان كان ذلك عبئاً كبيراً لهم مع توالي الهجمات المستمرة عليهم من الجنود فلم يكونوا يستطيعون الاستقرار في مكان ثابت لذلك فقد كان مسلسل الهروب مستمراً إلى أن جاء الوقت الذي أتت فيه هاربة جديدة تدعي نبع ، استطاعت بمهاراتها وقوة شخصيتها أن تجمع الهاربين من حولها وتنظيمهم تنظيم عسكري ليتحول الهروب إلى ثورة وتمرد وهجوم بين فينة وأخرى على معسكرات الجنود ، لحظتها انقلبت المعادلة وأصبحت جزيرة الإمبراطور هي من تحتاج إلى الحراسات المشددة ووضع حداً لهجمات الثوار بقيادة الملكة نبع .

ترجل الرجال من الأحصنة وتقدم ابو قدس تجاه ملكة الثوار الجالسة على عرشها وحولها رجالها المخلصين ، نظرت إليه بنظرة عميقة كمن فهمت ماذا جرى وقبل أن يؤدي الرجل تحيته المعتادة بادرت بقولها :
- أين صديقك الضخم .
سكت ابو قدس قليلاً حينها تقدم أحد الجنود وهمس في أذن الملكة فتغير لون وجهها :
- ألهذه الدرجة كان رعديداً ... يخاف لدرجة التعرق ؟ يا لفرحتي .. يا لخجلي .. لابد أن أبو حسام سيشمت بي وبجنودي بسبب هذا .... هل استطاع المنبوذين فرض شروط ما عليكم لتسليمكم الحديد .

نظر ابو قدس نظرة دهشة واستغراب وتيقن من تمكن الملكة من فن الفراسة وبعد النظر :
- هو كذلك يا مولاتي .
- أليس هذا عاراً ؟
- هو كذلك ... لديهم سلاح خطير جعلنا نتراجع عن غرورنا وثقتنا بأنفسنا ؟
- ما هو هذا السلاح ؟
- الوباء .. المرض .. الجذام ..؟
- هل تخشى المرض ؟
- بصراحة .. أجل مولاتي .. وهذا ما قضى على المرحوم
- لا تقل مرحوم ... أنه عار .
- اعتذر سيدتي
- أيها الجبان .. كان معك حق يا مالك القلاف لم يكن من المفترض إرسال صاحب القلب الضعيف مع صاحبه العار لهذه المهمة
ابتسم مالك القلاف ابتسامة انتصار ونظر تجاه ابو قدس الذي يحاول كبت قهره وغضبه :
- نعم يا مولاتي .. بصراحة أنا أعذر أبو قدس.. عفواً .. اقصد الجنرال ابو قدس على خوفه من مرض الجذام لأنه يخشى على مركزه الذي سوف يفقده لو أصيب به .. فتخيلي الذين كان يقاتلهم يصبح منهم ... أو ربما يخشى على المنبوذين من الانقراض .
- لم يكن لدينا ما يكفي من السهام .
قالها ابو قدس وهو يصر على أسنانه بقدر المستطاع ، ولكن مالك القلاف ضحك ضحكة مجلجلة :
- أفهم من ذلك أنك جئت تتزود بالسهام والنبال والرماح والمنجنيق لكي تبيد المنبوذين عن بكرة أبيهم .
- لا ... بل جئت لاقترح على الملكة أن تستجيب لطلباتهم .
نظرت نبع تجاه مساعدها الأول نظرة استنكار فما كانت تتوقع أن يكون بهذا الضعف كما وصفه مالك ذات مرة
- طلبك مرفوض .. مالك ..
- نعم مولاتي .
- جهز نفسك للقيام بالمهمة التي فشل فيها الجنرال.
- أمرك مولاتي .
ضغط الجنرال الذي اهينت كرامته على نفسه وعلى كبريائه وحاول أن يخرج الحروف المتقطعة بكل هدوء وسلاسة .
- مولاتي .. أتمنى أن تعيدي النظر في اقتراحي .
- لماذا ؟
- الحكمة أحياناً قوة .. أنتِ من علمنا ذلك .
- الحكمة تفسر في هذا الموقف ضعفاً .
- كم سيستغرق تجهيز جيشاً لمهاجمة المنبوذين .
شعر مالك القلاف بأن الفرصة السانحة له قد تطير من يديه فتدخل مباشرة :
- ثلاثة أيام ... أستطيع تجهيز الجيش في ثلاثة أيام
ابتسم ابو قدس ابتسامة الواثق فقد شعر بمدى ارتباك خصمه ومنافسه على قلب الملكة
- مع افتراض أنك استطعت تجهيز الجيش بالرماح والسهام والمنجنيق في هذه الفترة القياسية ولن نأخذ بالاعتبار المسافة التي سوف نستغرقها للوصل إلى هناك فسيكون الأوان قد فات .
نظرت الملكة إليه بشيء من الاستغراب
- لماذا ؟
- لسنا وحدنا من رأى الطائرة وهي تسقط .. أبو حسام أرسل بعضاً من رجاله إلى هناك ...
- ماذا يعني ؟
- لابد أنه سيفكر بنفس طريقتنا ...
- ماهي شروط المنبوذين
- بعض من الطعام والملابس .. سعر زهيد لحماية أنفسنا وتسليحنا بشكل أسرع بدلاً من مواجهة لا نعرف نتيجتها .
سكتت الملكة نبع كمن يفكر في كلام القائد العسكري
- معك حق يا أبو قدس ... الحكمة قوة ... نفذ ما اقترحته في الحال وبأقصى سرعة ممكنة
حاول مالك القلاف الاعتراض ولكن نظرة واحدة من الملكة المهابة جعلته يخرس على مضض .


كانت ~ زمردة ~ منهمكة في تقطيع البصل وخلطه مع اللحم المفروم تمهيداً لتكوينه شطائر لحم الهامبرجر ، سال لعابها وهي تتخيلها مشوية أو مقلية وعليها قطرات من الكاتشاب والمايونيز ، كم كانت تعشق الاثنين مع بعضهما البعض وليتها تتذوق شيئاً من هذا فكل شطائر اللحم سوف تكون من نصيب أبو حسام وحاشيته . وهاهي الآن بعد أن وكلت لها الست همس 2007 معظم أعباء المطبخ من تقشير وتكنيس وطبخ وفرم بدلاً من عمال المطبخ القدامى ، فكرت أن تحتج وتذكر هذه المرأة البغيضة بأن أبو حسام قد وكل لها مهمة واحدة فقط وهي تقشير وتقطيع البصل وهذا يعد انتهاكاً لأوامر الإمبراطور الصريحة ولكن عينا الست المتعاكسة اي كل عين في اتجاه والتي لايعرف المرء اين تنظر هذه المرأة جعلتها تتراجع عن فكرة الاحتجاج إضافة إلى بتولة أ بتولوووه ذات الثلاث واوات التي ربما رفسة واحدة من قدمها تأتي بأجلها ، ولذلك فقد صبرت على مضض واستسلمت لفكرة بقائها أسيرة المطبخ .
نظرت تجاه القادم نحوها فوجدته سنابسي الهوى ينظر إليها بإشفاق واضح ، اقتربت يده من شعرها محاولاً لمس خصلاته الحلزونية ولكنها جفلت بعيداً ونظرت إليه شزراً . نكس الرجل رأسه وجلس في قبالتها وأخذ سكيناً ملقاة وأخذ في فرم البصل ، نظرت إليه باحتقار واضح وغضب شديد :
- ماذا تفعل ؟
- اساعدك على فرم البصل .
صرخت بأعلى صوتها :
- لا أريد مساعدتك .. اغرب عن وجهي ..
ذرف سنابسي الهوى الدموع عند سماعه هذا الكلام القاسي ، حاول لملمة الكلمات ولكن صوته خانه فقام من مكانه ومشى بضع خطوات عرجاء ، وقبل أن يصل إلى بوابة المطبخ دخل أحد العمال القدامى واصطدم به فسقط الرجل العجوز أرضاً ، هبت ~ زمردة ~ بدون شعور في حركة غير إرادية في محاولة لمساعدة أبيها ولكنها تعثرت بصحن البصل الكبير وسقطت على وجهها ، وعندما رفعت رأسها لتنظر ما يجري كان منظرهامضحكاً فقد كانت بصلة من الحجم الكبير تملأ فاها . ضحك العامل من المنظر وأخذ صحن البصل وقام بنثره عليها فأخذ الجميع ممن دخل ليعرف ما يجري بالضحك عليها ، أصابت ~ زمردة ~ الهستيريا فأخذت بالصياح والعويل فما كان من الرجل إلا أن رفسها برجله في خاصرتها ليكتم صرختها في داخلها مع تعالي الضحكات من كل صوب ، أسودت الدنيا في عينيها وهي ترى أبيها يحاول أن يرفعها ولكن حجمها الضخم حال دون ذلك .
فجأة سمع الجميع وقع خطوات ضخمة غاضبة تأتي مسرعة ، لحظات وبان وجه بتول العبيط يطل من الباب وحالما رأت ~ زمردة ~ في هذا المنظر وبالقرب منها العامل وسنابسي الهوى حتى انفجرت من الغيظ :
- من الذي ضرب دبدوبي ؟
قبل أن تستوعب ~ زمردة ~ ما يجري ومع كل نظرات الخوف التي ملأت أعين الجميع كانت بتول تجثم على صدر العامل وسنابسي الهوى معاً وتكيلهما الضربات تلو الضربات . هرعت ~ زمردة ~ ناحية بتول لتنقذ والدها من موت محقق :
- كفى بتول ... هذا الرجل لا دخل له .
زمجرت بتول بقوة وهي تتوقف عن ضرب سنابسي الهوى وتشير ناحية العامل :
- وماذا عن هذا ؟
نظرت تجاه العامل الذي أخذ يويلول كالنساء وهو يترجاها بعدم الشكوى ، شعرت في تلك اللحظة أن بتول تلك ليست نقمة لهذه الدرجة وقد تكون نعمة إن أحسنت استغلالها ، ابتسمت ابتسامة خفيفة :
- اتركيه بتولة .. فلديه شغل كثير في تفريم البصل وتقطيعه وتقشيره وخلطه مع اللحم المفروم .

في جزيرة المنبوذين وحالما ابتعد A.M.A ورجاله اتجهت غادة إلى قمة الجبل لتتأكد من سلامة المنقذة القادمة من السماء ، كان الصعود شاقاً بسبب اللزوجة وبعض الرذاذ الآتي من هنا وهناك بفعل الضباب الذي بدأ في التشكل على قمة الجبل ، ووقع ماكانت تخشاه الملكة ، انزلقت رجلها وكادت أن تسقط من علٍ ولكن يد فاضل الجابر كانت بالمرصاد ، لم تكن غادة تعرف بالفعل هل هي فرحة أم مرعوبة وخاصة أن بعض الدود المنبثق من يده بدأ يتسلق يدها ، شعر فاضل بما يعتمل في قلب ملكته فقرب فمه من يدها في ذات الوقت وهو يرفعها ليقوم بشفط الدود واحدة تلو الأخرى .
- ليس سيئاً طعمها .
قالها مبتسماً ، حتى في النهاية وبمساعدة البعض تمكن من وضعها على الطريق الصحيح .
بعد ساعة استطاع الجميع الوصول إلى قمة الجبل وقد اختفى صوت الصواعق نهائياً ، كان الضباب كثيفاً لدرجة حجب الرؤية من مسافة قريبة ، أخذ الجميع يتلمس الهواء متحسسين موقع الساري التي علقت فيه المنقذة zamob حتى استطاعت الملكة الوصول إليه وكم كانت الصاعقة على الجميع عندما اكتشفوا أن منقذتهم قد اختفت .


لم يستطع jawad من النوم تلك الليلة بل فقد معها كل مشاعر الفرح بنجاته من السقوط وتبخرت كل شهواته بنيل ما لذ وطاب من النساء الجميلات ، اكتشف مدى قبحه وفظاعته فهو مجرد فريسة لحيوان مخيف بعد أن تنال نساء هذه الجزيرة الغرض من وجوده . حاول أن يركز فكره في طريقة الهرب ولكنه لم يستطيع فصراخ الرجل مازال يشل عقله عن مجرد التفكير ، شعر بالرعب الشديد وهو يفكر في نهايته المرتقبة .
جفل عندما شعر بحركة بالقرب منه نظر بهلع فوجد ريان واقفة عند رأسه مبتسمة ابتسامتها العذبة التي لم يرى غيرها إلا ليلة البارحة ، حاول بجهد جهيد أن يبادلها الابتسامة ولكنه فشل فقد بدت ابتسامته مشوهة ، شعرت ريان أن هناك خطب ما في الضحية الجديدة ، اقتربت منه برفق وحنان ومسدت شعره ولمست بيديها الناعمتين خدوده النحيفة فكانت ردة فعله مثلما توقعت المحارية العتيدة فقد جفل jawad لا إرادياً فاقتربت منه ولصقت وجهها بالقرب من وجهه وحدقت بعينيها اللوزيتين ناحيته :
- ما بك أيها الفحل ؟ هل هناك ما أزعجك ؟
تلعثم jawad قليلاً وأدرك أنه مكشوف إن لم يستخدم ذكائه في الخروج من هذا المأزق :
- حلم .. حلم مزعج
- يبدو أن علينا أن ننسيك هذا الحلم المزعج
ابتسمت بعد جملتها الخيرة وصفقت بيديها طالبة من الحارسات أن يأتينها بإحدى الجواري الجميلات لكي تنسي الضيف همومه .
خرجت ريان من البواية وطلبت مضاعفة الحراسة الشديدة على خيمته فهناك ما يريب ، اتجهت المحاربة إلى مقر القيادة حيث كانت أزهار تراجع بعض الأوراق ، نظرت إليها القائدة :
- ما يزعجك يا عزيزتي
- هل تظني أن المنوم لم يؤثر على الضحية ؟
- لماذا ؟
- لاحظت عليه أنه متغير بعض الشيء بل كان مفزوعاً وكأنه رأى ما حدث ليلة البارحة .
- هل شددتي الحراسة عليه ؟
- نعم
- من المؤسف أن الوشق قد تناول غذائه البارحة وهذا يعني ان عليه أن ينتظر أسبوعاً أخر .
- من من الجواري سوف ترسليها إليه ؟
- ما رأيك بالجارية الجديدة ؟
- من سماهر ؟
- نعم .. أظن أن بعض التطبيقات العملية سوف تصقلها .. خاصة أن معلمتها بعثرة قد مدحتها .
- ولكن ألا تظني أنهما يعرفان بعضهما البعض فلا شك أنهما من ذات الطائرة التي سقطت .
- هذا أفضل .. هذا سيزيل الشك من قلبه إن كان موجوداً .
نظرت أزهار ناحيتها ثم اقتربت منها وهي تتشمم عطرها الأنثوي الجميل :
- على فكرة جاءتني دعوة من جزيرة الحشاشين لقضاء سهرة من النوع الخاص أثناء المؤتمر ، ما رأيك أن نذهب معاً لنريح اعصابنا هناك قليلاً .
- ومن سيتولى الإشراف على الجزيرة
- أي واحدة من المساعدات .
- اذهبي وحدك ، سوف أراقب هذا المسمى jawad أخشى أن يحاول الهرب .
- كما تشاءين يا حلوتي .


في جزيرة الإمبراطور وقف زهدي ينظر بشغف تجاه المضيفة الحسناء زينب عبدالله وهو يطبب جروح رأسها ، كانت نظراته حادة وشهوانية :
- هل اقول مبروك
امتقع لون وجه المضيفة الحسناء فشعر الطبيب الإمبراطوري بذلك :
- لا يبدو عليك السعادة أيتها المحظية ؟
- وهل من يكون عبداً لأحدهم يكون سعيداً بعبوديته .
- افهم أنك ترفضين واقعك ؟
احتارت زينب عبدالله في الجواب فباغتها زهدي :
- ومن يحررك من هذا .. ماهو أجره ؟


يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق