أحداث في تركيا ، سوريا قبلها ومن قبلهما كانت البحرين ليبيا اليمن مصر تونس
الربيع العربي خطر يجتاح المنطقة من وجهة نظر البعض ، ربيع ثوري تصادمي رافض مكروه من أي سلطة حاكمة جمهورية كانت أم ملكية .
في الجهة الأخرى تتغلل في داخل الربيع شرايين قديمة كانت في سبات أو مداهنة لتظهر فجأة ، وهي لا تظهر إلا في حالتين فقط
بعد أن يستتب الأمر ، أو أن الأمر يحتاج لتصفية حسابات
في كل الحالتين تحدث بعدها اضطرابات معوية داخل الجسم الحي النابض .
المعظم يشعر بوجود لعبة ، لعبة أكبر من أن يتصورها الإنسان العادي فتظهر التحليلات والتكهنات والارهاصات والتبريرات وحتى التسطيحات .
على ذكر التسطح والتبطح فهي فرصة لبعض الهواة أن يتبطحوا هنا وهناك في كل الجوانب علها تصيب هنا أو تصيب هناك .فإن لم تصب هنا أصابت هناك :)
وأخيراً تظهر اللعبة الأخطر لعبة الطائفية الوتر الذي تعزف عليه كل منظومة أمنية لحماية نفسها من وعي شعبها فنجد السين والشين فالسيني يكره الشيني ويخرجه من الملة ويكفره ويبيح دمه أما الشيني فهو شعب الله المختار والمقرب من الله والداخل والضامن الجنة وكل الفريقين تغافل عن قول الله ( إن كانوا بالفعل يؤمنون أن هذا الكتاب موجه لهم بالفعل )
وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [البقرة 113]
بذكر السين والشين اتساءل لماذا اختارا هذين الحرفين المتلاصقين ؟ ليتهما اختارا مثلاً الألف والقاف أو الباء والنون ولكن تلاصقهما الذي جاء من غير قصد منهما بلاشك هو دلالة عميقة جداً لهما أنهما مهما شاءا أم أبا فهما جسدان متلاصقان ،متلازمان وتؤامان
هنا أتذكر قصة حدثت لي في أيام الجامعة ، ههذ القصة غيرت نظرتي لكل المعاني القائمة واستغرب كثيراً ممن كان معي أنه لم يتأثر بها .
القصة كانت في فترة التسعينات بدأت عندما قمت ذات مرة بكتابة مسرحية اسمها الأمل وتبنتها الجامعة التي ادرس فيها ( جامعة قطر ) كان ممن شرفني باخراج العمل هو الفنان القطري فالح فايز الذي كان يشغل في تلك الفترة رئيس قسم على ما أظن في إدارة الثقافة والفنون القابع مبناه في شارع السد مقابل السكن الطلابي ، قربه من السكن الطلابي جعل فرصة احتكاكي بهذا الرجل عظيمة . فكنت في أوقات كثيرة ازوره في مقر عمله ، اغرف من معين خبرته وعطاءه .
ذات يوم كنت معه في المكتب ومعنا الفنان القطري حمد عبدالرضا وبينما كنا نتبادل الحديث حول المسرحية دخل علينا أحد الموظفين في الدائرة اسمه ( م . ع ) ، كان لديه أمر ما مع الأستاذ فالح فايز فطلب منه الجلوس ، واضح أنه كان أقل مرتبة من الأستاذ فالح ولكن الأخير كان يجله ويحترمه بشكل واضح وهذا الأمر كان منطبقاً على حمد ، طلب منه الجلوس فجلس فطلب مني حمد أن أقص حكاية المسرحية للرجل ، باختصار حكيت له الفكرة ، ابتسم بلطف مادحاً إياها بإيجاز مختصر ليستأذن بعدها .
بعدما خرج من المكتب حكي لي الأستاذ فالح حكاية الرجل :
فقد كان طالباً نجيباً في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت في فترة الثمانينات التي كانت تشهد فيها الكويت اضطرابات حادة بسبب الحرب الدائرة ما بين العراق وإيران ،
في هذه الفترة ورغم أن الرجل سني المذهب إلا أن هذا الرجل ارتبط ارتباط غريب بالشيعة فهو يشاركهم أتراحهم وافراحهم ويوزع معهم المنشورات بمعى كان شيعياً أكثر من الشيعي ربما . الأدهى من ذلك كان عاشقاً بشكل غريب لشخصية المرجع الإيراني الشيعي الخميني رحمه الله فقد علق صورة كبيرة لها في غرفته ينام على رؤيته ويصحو على رؤيته .
استمر الحال هذا لسنته الرابعة حيث مشروع التخرج ، بحثه كان عن الإمام الحسين عليه السلام وأثره على الدراما .
في هذه الفترة الحساسة رفض الدكتور المشرف الموافقة على البحث وطلب منه أن يستبدله بأخر . ( م.ع ) رفض ذلك واصر على البحث فكانت النتيجة رسوب في المشروع مما اضطره إعادة سنة .
- حاولت معه ( على لسان الأستاذ فالح فايز ) ، قلت له يا صديقي كن اكثر وعياً ، انت محتاج هذه الشهادة لتتخرج ، غض الطرف عن فكرك ومبادئك الآن .
لم يستمع وتقدم بذات المشروع الذب تم رفضه ورسوبه بعد ذلك وطرده من المعهد ليعمل في أدارة الثقافة والفنون بشهادة الثانوية .
القصة لا تكمن هنا ، فهي قصة مؤثرة بالفعل لإنسان صاحب مبدأ بغض النظر عن اتفاقي معه فيما فعله أم لا . ولكن بعد مرور اكثر من سنة من استماعي لهذه القصة التقيت الرجل في أحد المقاهي وبصحبتي زملائي من المنطقة التي اعيش فيها .
تعرف عليه أحدهم وتفاجأ من فكره وسعة اطلاعه ، عرفنا عليه ( بالطبع أنا عرفته مباشرة ولكني لم أبدي لهم ذلك ) تناقشنا في الكثير والكثير وفي النهاية دعوناه لزيارتنا في السكن الطلابي ولبى الدعوة .
من عيون زملائي عرفت فيما يفكرون (( لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم )) :) خاصة ان الرجل كان منفتحاً على الفكر الأخر بشكل مريح .هذه كانت فكرتهم بمجملها .
بالفعل جاء الرجل واستقبلناه بكل حفاوة وشرب الشاي وفتحت المواضيع التاريخية وخاصة موضوع الخلافة الذي لم يفت على إنسان فطين مثله لماذا تم اختيار هذا الموضوع بالذات .
بعد أن أتموت كلامهم نظروا إليه لعله يتكلم ، كان مطرق الرأس أثناء كلامهم وبعد أن انتهوا نظر إليهم نظرة عميقة جداً اقشعر بدني منها .
قال لهم : هل تظنون أنني قادم لكم هنا كي تقنعوني بأن اتحول إلى شيعي أو أحولكم إلى سنة ؟ أنا هنا لكي اقول لكم إننا واحد ، ما يجمعنا اكثر مما يقربنا .
وجم القوم ، ولكنه تابع : هل تعلمون لماذا عشقت الإمام الخميني ؟ ليس لفكره ولا لأمر أخر سوى جملة قالها ذات مرة وشعرت انه يعنيني انا .
(( يا مسلمين العالم اتحدوا ))
عندما قال ذلك أمنت بهذه الكلمة شعرت بخطورتها على اعداء الأمة وأهميتها لأبناء الأمة .
كانت كلماته مثل الرصاص يخترق الجسد المهترئ ، كلماته غيرت نظرتي لما أنا فيه وطريقة تفكيري .
هذا هو ( م . ع ) .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق