في العتمة الباردة يقف وحيداً متأملاً الطريق النائي . عروقه البارزة تتشح بالازراق وكأن لغة الموت قد توسعت مداركها في جوفه .
خطوات مثقلة هي ما كان يمتلكها قبل الوصول إلى هذا الطريق النائي .
المقهى ليس ببعيد ، الضوء الشحيح الذي ينبعث من إحدى نوافذه يشي بأن الحياة مازالت تتموضع بين ثناياه وإن خبت الحياة فيه ما بعد الحرب ، ولكنه مازال صامداً رغم وحشة الطريق .
خطوات قليلة هي ما يحتاجه للوصول إليه ، خطوات قليلة ليجتث بعدها كل ما تعلق به من رائحة العفن وشوائبه . خطوات فلربما يجد ما بعدها روحه التي سقطت في وحل القتل ودسائس التخوين ولعبة الموت .
وكأنه صوت أم كلثوم قد بلغ مسمعه من خلف خشب السنديان العتيق ، أصاخ السمع قليلاً ، صوتها الرنان ممتزجاً بصوت تصادم الفناجين وصوت أجش يغني وحيداً .
التمعت عينيه بدموع الوحشة والغياب ، حن لصوته كثيراً ، لزمجرته ولغنائه مع صوت معذبته و
لم يكمل وشرع في العودة إلى الطريق المهجور فهناك بقايا ميناء في الأفق قد يجد ضالته فيها .
* الصورة من تصويري في ميناء العقير القديم




