إلى محمد مبارك ,، إلى روح محمد اليوسف
- سالو
- ماذا تعني بسالو ؟
لم أحر جواباً فأنا لا أعلم معناه ، سمعته كاقتراح من أحدهم عندما طرحت فكرتي عليه ذات مرة فاعجبني ، نظر إلي المعلم بعمق ثم أردف
- وإن يكن ، لا باس به فكرة سالو أفضل من السابقة ويمكن تطبيقها على المسرح ، غداً ذكرني لأدرج فقرتك من ضمن الحفل .
غادرت منتصراً بشكل لم أتوقعه ، كنت قبلها بساعة واحدة فقط أشعر بخذلان مخيف بعدما رفض العريف الأول في الكشافة إدراجي في ضمن قائمة الممثلين الذين اختارهم بعناية لفقرتهم المعروفة باسم مدرسة المشاغبين فلا شكلي يوحي بمشاغب إضافة لصغر سني مقارنة بـ ( الجحول ) التي ستمثل في هذا المشهد .
غادرتهم حزيناً ، وفي ذات الوقت ركبني عناد بوجوب ارتقاء خشبة المسرح في يوم الحفل وكان لي ما أردت .
اتذكر خشبة المسرح والتي بنيت من طاولات المدرسة وبعض الأخشاب بشكل سريع وهي تنتصب شامخة في الساحة المفتوحة .
نظرت إليها بزهو وأنا أتخيل تصفيق الجمهور يعلو ويعلو . سيشيرون إلي كنجم ، سيضحكون على فقرتي ، سيندم فريق الكشافة لعدم اختياري معهم .
حقيقة الأمر لا أدري إن كانت تلكم الأفكار قد جالت في عقلي الصغير، ولكنها بالتأكيد لم تبتعد كثيراً .
- من أستعين بهم ؟
من أستعين به يجب أن يكون مؤمناً بما أفعله ، أو أقلاً يجب أن تكون لديه القابلية للتجربة ، بالتأكيد كان صديقي محمد مبارك هو أفضل خياراتي خاصة بعد رحيل أمين اليوسف إلى سيهات أو كما أحببنا أن نسميها الهجرة ولذلك بدون تردد مررت عليه في صفه وشرحت له الموضوع باقتضاب
- أظننا نحتاج إلى بروفات .
نظرت إليه وبجواره محمد اليوسف الذي كان يستمع لما نقول .
-حسناً ايها المحمدان ، البروفة في منزلنا .
لم يكن من الصعوبة إيجاد دور صغير لمحمد اليوسف الذي شعرت بتحمسه للفكرة رغم أني لم أكن أتصور انه هو من سيفعل ذلك ، بالطبع كنت مزهواً بذلك .
ما أن أتت الساعة الواحدة ظهراً وربما كانت هي بضع لقيمات التي تناولها كل منا في منزله إلا والبروفة تستمر من الواحدة وحتى الخامسة مساء .
اتفقنا على أدق التفاصيل المضحكة .
لم يكن هناك مخرج بمعنى الكلمة ولا مؤلف ، ولكننا كلنا كنا ممثلين
- اشعر بكلماتها سخيفة هي لمن
هكذا سأل محمد اليوسف ، تنهدت وشعرت بخطر يهدد المشهد
- أغنية لعبدالحليم
- لم اسمع بها
- ولا أنا
تدخل محمد المبارك :
- اعدها من جديد
- بحياتك يا ولدي أمرأة عيناها ، عينا سنور ، صوتها كالملاس المكسور ، والشعر العربي المخبول يخرب في كل الدنيا ، فقط
كنت أنا هو سالوالمغني ، ومحمد مبارك المنتج الذي يفلس بسبب رداءة صوت المغني الفاشل ، وأما محمد اليوسف فهو الملحن الذي كان هدفه إفشال الحفلة باي طريقة ، ما السبب ؟ لا نعرف ولم نفكر حتى في الأمر .
جاء اليوم التالي ، اليوم الموعود وكانت خيبته الأولى ، لم يحضر محمد اليوسف الأيسكريم من بقالة والده كما اتفقنا قبل مغادرة المنزل مساء أمس .
الإحباط الأخر وأيضاً محمد اليوسف وهو من أتى به لنا عندما أخبرنا أن أخوه الكبير إبراهيم وهو مقدم الحفل أخبره أن فقرتنا غير موجودة في الحفل والأستاذ نبيل غير موجود في المدرسة وربما لا يأتي .
موضوع الأيسكريم تم حله على ما أتذكر بالبيبسي أو اي عصير متوفر ، ولكن أسمنا الغير مدرج هو ما جعلنا نرتبك كثيراً .
فقرات الحفل تتوالى والأستاذ نبيل لم يظهر . للحظة كدنا أن نلملم بقايا كرامتنا ونعود إلى صفوف الجمهور وكأن الأمر لم يكن .
أكثر ما كنت أخشاه نظرات المحمدين التي قد تشي بأمر واحد :
- ألم نقل لك ؟ أين نحن من المسرح .
ذلك لم يحدث ، كانا المحمدان طاقة من الأمل المتجدد ، ليعود محمد اليوسف بالبشرى
- جاء الأستاذ نبيل ، كان في الدمام
مباشرة ذهبت إليه ، أظنه لم يتذكرني ، وبعد برهة وضع رأسه على يده ونادى
- إبراهيم ، ضع فقرتهم من ضمن الفقرات
أجابه إبراهيم فوراً ،
- ما اسمها .
رددنا بصوت واحد
- سالو
لحظات قليلة ونحن نعتلي المسرح ، ثلاثتنا ، تألقنا لحظتها وتجلينا رغم الارتباك الذي بدا واضحاً في البداية
لم نطبق ما اتفقنا عليه ، لم يضع محمد اليوسف لا العصير ولا الايسكريم فوق الكرسي ومع ذلك الجمهور ضحك كثيراً
كانت مفاجأة أن الصبية الثلاثة في السنة الأولى من المرحلة المتوسطة ينالوا إعجاب الكثيرين من الحضور .
بعد انتهاء المشهد ناداني أحدهم
- هيه ، سالو
التفت إليه مبتسماً
- ماذا يعني سالو ؟
قبل أن أجيب رد عليه صاحبه
- هل يهمك أن تعرف معناه ؟ يكفي أنك استمتعت بمشاهدته ، أنت يا صغير ومن معك كنتم رائعين

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق