الأربعاء، 4 مارس 2009

القاعة ( 3 )




ماذا يحدث عندما تتغلل أصوات الطبول في جسدك ؟ عندما تنساب معها كجدول صغير يتحول تلقائياً إلى شلال من الطاقة لينصهر الجسد متوحداً مع عالم أخر . بعيداً عنها رغم قربك منها ؟كان قلبي كبوصلة فقدت قدرتها على تمييز الاتجاهات بفعل الرقص على الطبول الإفريقية ، اندمجت في الرقص لحد الإنهاك حتى أنني أشعر وكأني محارب يرقص ( الاجبيكور ) استعداداً لمعركة ضروس في وقت ما وفي مكان ما .


بدأت فكرة وجودك معي في قاعة الرقص بالتلاشي ، فإيقاع الطبول هيمن على جسدي ، كل ذرة تتحرك مع كل ضربة ، مغمضاً عيناي ، منتظراً للطبول أن تتوقف في أي لحظة .


( فلاش باك  ) نظرة سريعة على أرقام الهواتف وأسماء أصحابها في الدليل مفكراً ما سوف أفعله بها ، من سبقني أخذ دور معلق المباريات ، ومن كان قبله ألقى بهذه الأسماء والأرقام خطبة نارية لأحد الزعماء . ولكن ماذا عني ؟ ماذا عنكِ ؟ ماذا أهديك لحظتها ؟ كل نظرات التلاميذ متجهة صوبي تنتظر أن أبدع شيئاً من خلال أرقام جامدة وأسماء لا تعنيني .أخذت نفساً عميقاً كأني أشحذ قوتي بكِ ، وأطلقت صوتي مغنياً .


كانت دورتي سريعة ، رشيقة مع انسجام كامل في حركة اليدين والرجلين لأبدو كمحارب إفريقي يدور حول غنائمه ، متحاشياً الاصطدام بمن حولي من الطلبة عن طريق سماع تنفسهم الذي أخذ بالعلو ، أخذ قلبي يستعيد سيطرته من جديد ليرشدني إلى جهة ما وكأنها أنت ِ . عادت فكرة وجودك هنا معي في الظهور ، في نفس القاعة ، تؤدين رقصة ما ، مجرد طيفك أشعلني ، اضطربت لحظتها وفقدت توازني ، عندها فقط وبحركة غير إرادية فتحت عيناي لحظة توقف الطبول وجمود الحركة .


( فلاش باك  ) وأنا أغني كنت أتحاشى النظر إليكِ . كان صوتي بلا شك سيضطرب ، سيفضحني غنائي الشجي لحظتها ، ولكن كانت أغنيتي لك ، كل رقم أنطقه ، كل أسم أشدو به ، يترجمه قلبي باسمكِ . وتعالى التصفيق ، كان الجميع يصفق إلاكِ .


لم تكن لحظة الجمود عن الحركة هي التي أتعبتني ، ولكن أن تتوقف الحركة وأنا أنظر إلى عينيك ولا أستطيع إزاحتها ! منهكاً حد الانهيار ... هي المرة الأولى التي تلتقي فيها عيوننا بدون أن نشيحها بعيداً ، بدونا كالأغراب في انتظار أن تعاود الطبول إيقاعها من جديد لنعاود الرقص ونغلق العيون .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق