الجمعة، 7 أكتوبر 2011

فرقة نورس تشارك في امسية الوعد الثقافي 5 - 10 - 2011

أمسية شعرية شاركت بها نورس المسرحية - اضغط الرابط

أمسية شعرية للشاعرين البحرينين كريم رضي و مهدي سلمان وعازف الناي طاهر العلي مساء الأربعاء 7 ذو القعدة 1432 هـ الموافق 5 أكتوبر 2011 م على مسرح جمعية الثقافة والفنون و ذلك في تمام الساعة الثامنة و النصف، بمشاركة فرقة ( نورس ) المسرحية بعمل مسرحي( مقتطفات من مجرد ؟ لا أكثر )
في نهاية العرض احتفل النوارس بعيد ميلاد صديقهم ماجد السيهاتي احد اعضاء الطاقم الذي تصادف يوم مولده مع ليلة الأمسية
هذا المقطع من تصويرالفنان المبدع السيد نجيب السيهاتي

هذه المقتطفات من تمثيل :
ماجد السيهاتي الذي احتفلنا بعيد ميلاده :)
علي الناصر ( بتشوفه اقصر واحد واضعف واحد )
كميل العلي
باسل قيصوم
اشرف السيهاتي
ياسر الحسن

الجمعة، 17 يونيو 2011

جزر الغموض - 19 - الحلقة الأخيرة من الجزء الأول




















( 19 )

هذه الحلقة إهداء للفنانين الجميلين عقيل الخميس وعلي غالب بمناسبة عرض مسرحية عندما يتمرد في مسابقة المسرح بجمعية الثقافة والفنون فرع الأحساء ( وقد فازت بخمس جوائز في 2009 )

الوجوه الجديدة
مؤيد أحمد
عقيل الخميس
Alooosh










كانت الكلاب السوداء والضخمة تجري بسرعة مهولة في أثر أبو حسام الذي يعاني من ثقل كبير في رجله اليمنى بسبب الجبس والذي يمنعه من تحريكها أيضاً فاعتمد اعتماداً كلياً على رجله اليسرى فأخذ يقفز ويتدحرج ما أمكن قبل أن تصله الكلاب الذي اقترب منه صوتها فعلم أن نهايته قد اقتربت فلعن ميلاد الذي وفى بكلامه فعلاً عندما أخبره بعزمه على الصراخ إن لم يهرب خلال دقيقة واحدة . في البداية ظنه تخويفاً فقط ولعباً بالأعصاب ولكن خلال الثواني العشر الأولى رأى في نظرته ذلك التهديد الحقيقي لحياته فقام مسرعاً يحاول تسلق الحبل ما أمكن بيده الواحدة ، لحظتها استعان بأسنانه لمساعدته على بلوغ السطح ولكن مهما كانت قوته فدقيقة واحدة لا تكفي ، نظر إلى أعلى فلربما يشفق ميلاد عليه عندما يتذكر العشرة التي كانت بينهما رغم سوءها أو يتذكر أنه أصبح والد زوجته فيحن عليه ويغير رأيه ولكن ميلاد اختفى ، ثوان عشر أخرى وصراخ وعويل وعواء وجلبة تضج في المكان وكأنها معجزة أو إرادة خارقة لا نسمع عنها إلا في الأساطير دبت القوة في جسد الإمبراطور السابق وبسرعة متناهية كان على سطح الحفرة يجري برجل واحدة .

استشاطت سما غيظاً وقهراً عندما علمت بهرب أبو حسام فـأخذت تزمجر رعداً وزبداً فأمرت الحراس الذين توعدتهم فيما بعد بإطلاق كلابها السوداء المسعورة والتي تمزق من يقف أمامها عداها .

انطلقت الكلاب مسرعة ناحية أبو حسام المنهك وقد بلغ التعب منه كل مبلغ ، أخذ يحاول تذكر المكان فهو منذ زمن طويل لم يأتي لمنجم الفحم كانت أخر زيارة له منذ ثلاثة سنوات عندما جاء ليدشن افتتاح منجم صغير تم اكتشافه بالقرب من المنجم الرئيسي .

كان صوت الكلاب يقترب أكثر من قبل والهارب يحاول الالتفات خلف الشجرة إلا أن الكلاب حاصرته من جميع الجهات ، كانت نظراته تحمل في طياتها رعباً لا يمكن وصفه ، نظر الجندي ناحيته بشماتة لم يحاول إخفائها :
- هل تفكر بالهرب من هنا ... ألا تعلم لا يوجد هذا المصطلح هنا ؟
نكس رأسه واستسلم للجنود .

نظرت سما إلى أبو حسام الذي كان يشرب عصيراً من التوت البري :
- لن يهرب طويلاً يا عزيزي .
- إن هرب .. جعلتك مكانه يا سما .. لا أحد يفكر باغتيال أبو حسام وينجو بفعلته
بلعت سما ريقها بصعوبة وتاهت نظراتها وابتسمت ابتسامة باهتة وإن طغى المكياج عليها وأخفى معالم الشحوب :
- وهل هذا معقول ؟ يا عزيزي ... حياتك من حياتي .
نظر إليها أبو حسام ببرود شديد :
- لا تناديني بعزيزي بعد اليوم .... خاصة في الأماكن العامة
- هذا يعني أنني لن أناديك طوال عمري .. هل نسيت أنك نفيتني إلى هذا المكان البعيد والمنعزل .
- المصلحة العامة هي التي أجبرتني على اتخاذ مثل هذا القرار ... الثوار زادوا من هجماتهم على المنجم ونحتاج لشخص مثلك فقد أثبت رئيسها السابق فشله الذريع .. بمناسبة ذكره أين هو ؟
- مؤيد أحمد ؟
- أجل هل قبضتم عليه .... هذا القاتل .
- إنه هنا .... للتو تم القبض عليه .
- أدخلوه
دخل مؤيد أحمد مكبلاً بالسلاسل والأغلال مترنحاً بكثرة الأثقال ، ضحك أبو حسام عند رؤيته لمؤيد :
- معقولة تعض اليد التي امتدت لانتشالك مما كنت فيه ... تغتالني يا مؤيد
كان الصمت مطبقاً ، زاد غضب أبو حسام :
- قلت لك تكلم .
نظر إليه مؤيد أحمد وقد بانت عليه السكينة :
- ما ستفعله بعمال المنجم جريمة ... أنت تعلم ماذا ينتظرهم هناك .. نلك المواد قاتلة ، لم يكن بيدي حل أخر .
- إلا بقتلي ؟
سكت مؤيد أحمد مجدداً وأشاح بوجهه إلى الزاوية الأخرى من الغرفة فما كان من أبو حسام إلا أن لطمه لطمة قوية أوقعته أرضاً .
- ستعلم عواقب فعلتك عندما ترى ما سأفعله بك وبعائلتك
نظر ناحية سما :
- أين هما ؟
- زوجته وابنته الرقيقة ؟ لم نقبض عليهم بعد .
- أين كان يهرب هذا المجرم .
- بالقرب من الغابة
فكر ابو حسام قليلاً ثم ابتسم ابتسامة وحشية :
- إذن ستجدوهما عند النهر
اطلق مؤيد أحمد صرخة رعب

النهر ، أجل النهر ، إنه بالقرب من هنا ، كل ما عليه أن يشحذ همته ويصل إلى هناك ، المياه الجارية ستجرفه بعيداً ولن تستطيع كلاب سما أن تصل إليه إلا بعد فوات الأوان ، ولكن عليه أن يتخلص من هذه الجبيرة أثناء العوم أقلاً وإلا سيغرق بلا شك . كل ما يفكر به هو النهر ، صوت الكلاب يقترب منه أكثر ....... أكثر


- اقتلني مع والدتها ... لكن اطلق سراحها ... إنها صغيرة .. بريئة ، لاذنب لها إلا أني والدها فقط
كانت كلماته مليئة بالمرارة واليأس ، ضحك أبو حسام
- هل تعلم يا مؤيد ، كنت أنت يوماً ما ، الآن كلك لي أنا ، فلذا لا يحق لك أي كلمة .... ما هو اسم صغيرتك ؟
تلعثم مؤيد أحمد :
- Renad .
- Renad !!!! جميل هذا الاسم .
نظر ناحية سما بكل برود
- اقتليهم ... الثلاثة .. أولهم رنودة الصغيرة أمام والديها .
ابتسمت سما ابتسامة وحشية :
- هل تأذن لي يا مولاي ؟ .. لدي فكرة أفضل من ذلك ... سيجعل هذا الخائن يتمنى أنه لم يولد بعد .

مر سهم بجواره فارتبك على أثرها واصطدم أخر بالجبيرة في منطقة الكتف فشكر زهدي في قرارة نفسه بعدما ارتد السهم عنه ، الكلاب أكثر قرباً والنهر يلوح في الأفق ، بدون أن ينظر بدأ كل شيء يتجه إلى الدوران ، سقطته كانت مريعة ، بدأت أصوات الكلاب تخفت تدريجياً ، برودة أقرب للصقيع .... ظلام


تقدم جيش الثوار متجهاً ناحية الجزيرة بعد نجاح مهمتهم والحصول على الجزء المصهور من الطائرة الساقطة في جزيرة المنبوذين ، عند التل القريب من الشاطئ أمر حسن علي رجاله بالمكوث ليلتهم هنا بعد عناء حمل كتلة الحديد الضخمة ، نُصبت الخيام العسكرية وأُوقدت نيران المعسكر استعداداً لحلول الظلام وتحسباً من بعض الحيوانات المتوحشة ، مغط حسن علي رجليه ومن ثم يديه وأشار لمساعده ماضي بالمضي في تدليكه فمد رجليه وانشكح وعلى بطنه تمدد وانبطح ، تحركت أصابع ماضي برشاقة فوق ظهر حسن علي الذي وضع نعاله الزنوبا وردي اللون بالقرب من أنفه فأخذ يستنشقه حتى غاب في عالم أخر . وكأنها لحظة بارقة أفاق على صوت نسائي رقيق الملامح فعلم أنه ما زال في سكرته الأولى فقبل نعاله وعدل من بنطاله وأشار لماضي بالاستمرار في التدليك المريح للأعصاب .
عاد الصوت النسائي من جديد وإن خلت نبرته من النعومة التي سمعها أول مرة :
- حسن علي ، يا قائد الثوار المبجلين وقمر الأولين والآخرين ، وعتاداً وذخراً للثائرين ، أستيقظ من نومك فقد أطلت .
فتح حسن علي عيونه الناعسة فصدم عندما وجد Dr.Fatimah أمامه فهلع واختلع وعلى ركبتيه سقط ووقع وبدا وكأنه للسمينة قد ركع .
- Dr.Fatimah ، ماذا تفعلين هنا .
ضحكت الشحاذة المشهورة ضحكتها المجلجلة حتى يخيل لمن يسمعها كأنها إعصار قادم من جوف الأرض .
- رأيت الجيش بالقرب من هنا ... فقلت لابد أن حسونه معهم ... اين ديني ؟
أخذ يبحث عن مساعده الجبان ماضي الذي أختفى فجأة بدون سابق إنذار :
- دينك !!! ؟ ...
نظرت إليه نظرة ذات مغزى ، فابتسم حسن علي ابتسامة باهتة صفراء فاقع لونها :
- أه قصدك عندما علمتني حيلة في لعبة البلوت مقابل أن أعطيك بقايا اللحم من مخلفات عشاء الجنود ...
- انتظرتك طيلة الليل .
- تعرفين المشاغل ...
- المشاغل ... أم ... ؟
- سأعوضك حالما نرجع .
- ولم الانتظار ؟ معي جماعة .. ليستا جماعة هما اثنتان فقط .. نريد أن نتعشى ..
- ولكن الطعام لا يكفي .
- لانريد الكثير
قالتها بإصرار وقد شعرت بتردده ، كانت في لحظة ما ستقول له على كيفك وتنصرف للبحث عن مأوى أخر ولكن دخول ماضي في تلك اللحظة جعل الموازين تنقلب فبلع حسن علي ريقه وجمعه ومزج معه بقايا من السائل الأخضر وأطلقه قذيفة في وجه الشحاذة المسكينة ولكنها وببراعة تحسد عليها استطاعت إمالة وجهها جهة اليمين فاتجهت القذيفة لماضي الذي بوغت بالمشهد فسقط على وجهه فنجا بسقطته من القذيفة الملغمة التي سقطت على وجه طائر بحري قد هبط ليصطاد سمكة فاصطدمت البصقة في عينه اليمنى فأفلت السمكة رغم محاولاته الإمساك بها فسقطت السمكة في مقلاة طباخ المعسكر .
- إصابة مباشرة
قالها متبجحاً أمام ماضي وتجاهل نظرات Dr.Fatimah المصعوقة وقد شعرت بالاهانة الشديدة
- أنا المخطئة عندما علمتك حيلة البلوت لتغش فيها وتتغلب على هذا المسكين ورفاقه .
تغير وجه حسن علي عندما نظر إليه ماضي الذي تذكر لعبة القمار الأخيرة والتي استطاع فيها أن يفلس كل من معه وجعلهم مدينين له لمدة ثلاثة رواتب على أقل تقدير ، لحظتها علمت أنها في موقف القوة فتمادت قليلاً وأمسكت نعاله الزنوبا وردي اللون وصفقته بقوة :
- وهذا النعال
- لا أرجوك
قالها بحرقة وخوف ولوعة ويأس وكل مصائب الأرض التي على رأسه :
- إلا نعالي الزنوبا .. أرجوك .. لك ما تريدين .. عشاء فخم ..
ركع على ركبتيه مستجدياً إياها :
- لا لن ينفع ... سوف أمزقه .
هذا هو الخطأ الوحيد الذي اخطأته Dr.Fatimah فلربما لو أنها توقفت عند هذا الحد لكانت حصلت على الوجبة ، فقد أحمر وجه حسن علي لدرجة الثوران مما جعل ماضي يولي هارباً لا يلوي على شيء وقد علم أن الشر المستطير سيحل في خيمة القائد ، تراجعت الشحاذة المسكينة كريمة العين خطوات للخلف تستعد للهرب والاستنجاد بصديقتيها ولكن حسن علي الذي استل سيفه قد سبقها .


جلس الجميع على المقاعد الوثيرة في القاعة المغلقة للجلسة الابتدائية للمؤتمر الجزري والذي يترأسه يوسف آل ابريه حاكم جزيرة الحشاشين ، بعد أن هدأ الجميع وخفتت الأصوات أطرق الحاكم المبجل مطرقته على الطاولة إيذاناً منه بالبدء في أعمال المؤتمر :
- بدأت الجلسة
قبل أن يشرع في كلامه تناهى لسماعه وسماع الجميع جلبة في خارج القاعة ، التفت الأعناق بفضول في معرفة ما يجري ، لحظات وفاضل الجابر ومن معه يدخلون القاعة الفسيحة تلاحقهم أصوات الاستهجان والاستنكار :
- وإن كنتم نسيتم دعوتنا إلا أننا نأبى أن نتخلف عن هذا المؤتمر .
زاغت عينا الحاكم بعدما خمن هوية القادم .
- فاضل الجابر نائب ملكة جزيرة المنبوذين ، جئنا نشارككم همومكم وأفكاركم في طرق السبل لرفاهية شعوبنا .
- لكنكم غير مدعوين .
صرخت أزهار بريه بحدة ولكن فاضل الجابر تجاهلها .
- منذ اليوم عليكم أن تعلموا أننا جزءاً لا يتجزأ من هذه المنظومة الجزرية ، يكفينا أننا نستقبل أعطابكم والعاجزين بدون مقابل ولكن أن تقرروا مصيرنا بدون الاستشارة .. فلن نقبل
ضحك سنابسي الهوى ضحكة مبحوحة :
- ماذا ستفعلون ؟
- لا أظنك أيها العجوز ترغب في معرفة ما يمكن أن نعمل
قالها وأخرج يده من كمه وظهرت الديدان الحلقية والطويلة والصغيرة وهي تقفز فوق جلده كأنها براغيث ، تراجع الجميع في خوف ظاهر :
- أعدكم أنها لن تكون معدية في حال التزامكم بأدب الحوار
حنقت ملكة الأمازونيات وأشارت لحارساتها بالاستعداد لرمي المنبوذين بالسهام ، ابتسم فاضل الجابر :
- أولاً هذا ضد سياسة الجزيرة وعليك يا أزهار .. أسف أيتها الملكة المبجلة أن تحترمي قوانين الجزيرة وثانياً لو فعلت ذلك فلا شك أن العدوى ستنتشر في كل مكان .
ما أن قال عدوى حتى ضج المكان واستعد الجميع للهرب :
- لن يخرج أحد .
كان مالك القلاف الذي يجلس بجوار ملكة الثوار نبع يتطلع بدهشة وريب تجاه نائب ملكة المنبوذين ، ملامحه ليست بغريبة عنه فرغم ذبول الوجه وشحوبه واصفراره والدود الذي يخرج من بين مقلتيه وجفونه إلا أن هناك ما جعله يظن أنه يعرف صاحبه ، همس في أذن ملكته التي أومأت إيجاباً وموافقة فقام من مكانه وانصرف .
سحب فاضل الجابر كرسي بجواره وجلس وأمر حاشيته بالحذو مثله :
- على فكرة يا ملكة الأمازونيات ، ذلك الضخم الذي خطفتموه ليلة البارحة ، هل هو أحمد علي ؟
وكأن صاعقة نزلت على الجميع لا سيما ملكة الأمازونيات التي شعرت بالتعري وسنابسي الهوى الذي شعر بغياب أحمد علي لحظتها وكأنه سكير قد أفاق من سكرته و يوسف آل ابريه الذي شعر بالخديعة .

وعلى ذكر أحمد علي الذي أفاق من غشوته ووجد نفسه مع سماهر في مواجهة متوحشة مع الوشق الجائع يحيط بهما جموع المقاتلات الأمازونيات اللاتي بدأن بضرب الرماح والسيوف بإيقاع منتظم وحماسي على سطح الأرض التي ارتجت واهتزت . وضع أحمد علي يده على رأسه يتحسسه فقد كان الألم فظيعاً رغم إدراكه بخطورة الموقف ، كانت الفتاة التي معه والتي لا يعرف من هي وماذا تفعل معه واقفة خلفه وكأنها تحتمي به ، وقف الوشق يزمجر متأهباً للانقضاض على ضحيته فأخذ يجول بعينيه أيهما يفتك به أولاً ، كان أحمد علي ضخماً مما يبث الرعب في قلوب الخصوم ولكن الوشق الذي قابل مئات الرجال بأشكالهم وأنواعهم ، قويهم وضعيفهم ، شجاعهم وجبانهم ، كل أولئك كانت نهايتهم في معدته الجبارة بدون تمييز وبذلك فهذا الضخم الماثل أمامه سيكون ضحية أخرى له ومعه الكائن الضعيف الذي يقف خلفه . عاد الوشق وزمجر ولطبق الهناء قد تصور ، فأستعد وجهز وقال في نفسه رجل أم معز سيكون ميتاً لا محالة وبعدها أنام نومة الهبالة .
قفز الوشق مع صرخات الأمازونيات التي بدا التوحش يبرق في عيونهن الجميلة ، وكأنهن اصطبغن باللون الأحمر القاني أخذن يزمجرن مثل سيدهن ورمز قوتهن ، تعالت الرماح في الأعلى وهبطت بكل قوة فوق الأرض ترجها رجاً وتدكها دكاً مع صوت خطواتهن الذي يملأ المكان :
- هيا يا سيدنا ، ورمز قوتنا ، بث إلينا من قوتك عبر هذا الرجل وطهر قلوبنا من رجس نجاسته عبر هذه الفتاة الدنسة
كانت ريان هي المتحدثة والتي كانت ممسكة بيد معلمة الأمازونيات وأمهم الروحية بعثرة تستمد منها الطمأنينة والقوة والأمان . نظرت بعثرة لتلميذتها الجديدة – السابقة بتقزز وهي تحتمي برجل ليحميها من بطش الرمز – السيد ، فكرت أن تأخذ حصاة وترميها هذه الخائنة إلا أن التقاليد والطقوس التي هي من وضعت لمساتها الأخيرة فيها منذ ما يقارب العشرين سنة تمنعها أن تتعدى هذا الأمر .

تراجع أحمد علي خطوات مبتعداً عن الوشق الذي هبط بالقرب منه ، لم يكن يملك سلاحاً ولا عصا يدافع عن نفسه به ، نظر تجاه الأمازونيات :
- هل هذا هو العدل ، رجل أعزل ؟
كانت الإجابة مباشرة بمزيج من الصراخ ومزيج من ضربات الأرض . تقدم الوشق من جديد لينال حصته فيبدو أن هذه الضحية تمتاز بهدوء الأعصاب وهي المرة الأولى التي يقابل فيها مثل هذا النوع من الضحايا .

كل ما كان أحمد علي يفكر فيه العائق الذي معه والمتمثل في هذه الفتاة الخائفة ، لو كان لوحده فلربما تعامل بطريقة مباشرة مع هذا الوحش ولكنها وجمودها بسبب الخوف يجعل تحركاته بشكل غير مدروس ، مثل هذا الوحش لم يمر عليه من قبل ولكنه تعامل في دورات عسكرية مع بعض الحيوانات الشرسة مثل الكلاب والذئاب وكان تعامله في غاية القسوة ، هكذا تعلم وتعامل ، لا رحمة لعدو فإن لم تقتله قتلك ، كان مستعداً لأن يأكل لحمه ولو كان إنساناً في حالة الاضطرار .
- ابقي خلفي وابتعدي خطوات .. عشرين خطوة على الأقل .. ولكن بحذر .. ودعي الباقي لي .
أومأت سماهر برأسها دلالة الفهم فأخذت تبتعد خطوة وإن كانت مرتبكة ، متبعثرة وخائفة ، حالما شعر بنزوح الفتاة عنها حتى وقف أحمد علي وقد ثبت رجليه جيداً في استعداد تام لتلقي وثبة الوشق .
وهذا ما تم الوشق وثبته الجبارة فاتحاً فاه مبرزاً أنيابه الطويلة وسقط على أحمد علي الذي لم يتحمل وزن الوشق الضخم رغم قوة عضلاته فسقط معه ووضع كلتا يديه في فك الوشق محاولاً منعه من العض والالتهام .
سماهر المرعوبة وقفت مشدوهة أمام المنظر ، فكرت لحظتها أن تضرب الوشق بشيء ما ولكن ماهو ؟ لم تجد شيئاً وإن وجدت هل كانت ستمتلك الشجاعة لأن تضرب هذا الحيوان الجبار ؟ . كانت رقبة الوشق تمتد رويداً رويداً ناحية رأس أحمد علي الذي يصارع بكل ما أؤتي من قوة ليبقيه بعيداً عنه ولكن لكل جسم طاقة وحدود فقد بان التعب على محياه وعلم بنهايته إن لن يتصرف ، حركة سريعة هو كل ما يحتاجه ولكن هل باستطاعته فعل ما جال بخاطره تلك اللحظة ، لم يكن هناك إلا هو ، وسريعاً مد يده اليمنى إلى الرمل وبسرعة مهولة نثر الرمل في عيني الوشق الذي تراجع خطوات مذعوراً ومتفاجئاً من هذه الحركة المباغتة ، هذه الخطوات المتراجعة هي كل ما يحتاجه أحمد علي الذي ركل الوشق في منطقة الرقبة باحترافية شديدة سقط على أثرها الحيوان المفترس وسقط معه قلوب الأمازونيات اللاتي وقفن مشدوهات محتارات في أمرهن وقد كان وقع المفاجأة من الشدة ما جعلهن مشلولات حتى صرخت ريان :
- لقد قتل الرجل رمزكم .... لا تسكتن عنه .. اقتلوه
تعالت الصيحات في جميع أرجاء المسرح الروماني الشكل مع وقع خطوات الحرب والويل والثبور ، تراجع كل من أحمد علي وسماهر إلى الخلف يحاولان الاحتماء بالجدار قبل أن يسمع صوت بعثرة البعيد :
- توقفن .... لا يجوز لكم قتله .
نظرت ريان بشراسة جهة المعلمة حكيمة الأمازونيات :
- ماذا ؟ نتوقف ...
- من يقتل الرمز يصبح رمزاً هذا هو القانون
- لكنه رجل ... نحن نكره الرجل ...
قالتها ريان بحدة وشراسة وهي تتطلع جهة بعثرة ، ولكن العجوز- الصبية نظرت إليها بكل هدوء :
- والوشق من جنس الذكور ومع ذلك فنحن نقدسه .... أيتها الأمازونيات
قالت كلمتها الأخيرة بصوت تخشع له القلوب :
- امتثلن لسيدكن ورمز قوتكن بالخضوع .


أطل الوزغ برأسه ليتأكد أن كل شيء على ما يرام فقد جهز نفسه لسفر لا رجعة فيه فقد كانت كلمات تلكم المتوحشة ترن في أذنيه :
- الفالفة فابتة
ومن خلال علمه في علم الصوتيات فقد كانت الترجمة الأقرب هي أحد الخيارين :
ا ) الفالتة تالفة
ب ) التالفة فالتة
ولذلك فقد قرر أن يرحل بأقصى سرعة ممكنة فجهز حقائب السفر وودع أهله وأحبابه اللذين كانوا على وشك الانقراض ولكنهم أبوا أن يتركوا وطنهم الأم .
بعدما تأكد من خلو الطريق مد رجله اليمنى أتبعها باليسرى أتبعها بالرجل الأمامية اليسرى ونهايتها باليمنى ومن أن استعد للركض ناحية أوراق الشجر حتى وجد نفسه معلقاً في الهواء بواسطة أصابع غليظة ثخينة فعلم وتيقن أن صائدته ما هي إلا تلكم المتوشحة والمسماة زوراً وبهتاناً بتول محمد .
ابتسمت الصغيرة العملاقة وظهرت أسنانها المتفرقة :
- يم يم يمي
بلع الوزغ ريقه وظهرت على أثرها عروقه ، وانطفاً من عينه بريقه وشعر أن في داخله حريقة فتشهد على نفسه ونظرة بحسرة على شبابه وودع من حوله اللذين كانوا يتطلعون إليه من بعيد :
- ما هذة الرزالة بتووولوه بثلاث وواوات ؟ اتركي الوزغ عنك فقد أعددت لك لحماً مشوياً .
ما أن سمعت بتول محمد دبدوبتها ~ زمردة ~ التي ذكرت اللحم المشوي حتى سال لعابها الذي أغرق الوزغ وما حوله بعد أن رمته على الأرض غير عابئة به فعلم الوزغ أن الأيام الشداد قد ولت وانتهت فذهب إلى أهله مستبشراً فأقاموا الأفراح والليالي الملاح .
دخلت بتول محمد إلى المغارة التي يرقد فيها الناي الحزين بعدما صرعته في معركتهما الأخيرة والتي لولا تدخل ~ زمردة ~ في الوقت المناسب لكان رجل الكهف في خبر كان .
هجمت بتول محمد تريد نهش اللحم بدون رحمة ولكن الملعقة الكبيرة والتي تسمى الملاس في بعض اللغات الإفريقية والتي كانت بيد ~ زمردة ~ كانت بالمرصاد لبتول التي فوجئت من المعاملة القاسية لدبدوبتها :
- بتول .. يا بتولة ؟ يا بتلاتي .. ألا ترين أحدهم يرقد على فراش المرض .. إضافة إلى أنه سيد المكان فيجب علينا احترامه أولاً .. دعيه يأكل وبعد ذلك لكِ ما تشائين .
- ضوعانه <<<< ( بمعنى جائعة جداً جداً جداً وقد نطقت ضاد بدلاً من جيم )
ولكن ~ زمردة ~ اقتربت منها وضمتها إلى صدرها بكل حنان فذهب التشنج الذي أصابها بسبب الجوع
- عليك بالصبر .. فحالما يأكل رجلنا نأكل من فضل خيره .
سكتت بتول محمد غير مدركة ما تخطط له ~ زمردة ~ وصبرت نفسها ما دام أنها بجوار حبيبتها وقرة عينها ودبدوبتها فابتسمت ابتسامة رضا ونامت قريرة العين في انتظار السي سيد أن يستيقظ من نومه العميق .
بدون أن يتنحنح أو يطرق الباب دخل عبدالله خميس فجأة على الخليفة والعريس الجديد صارخاً :
- يا مولاي . يا مولاي ... خبر عاجل يا مولاي
اعتدل كل من زهدي وزينب عبدالله اللذان كانا يتناغيان كعصافير من عصافير الجنة لا يكدر صفوهما إلا دخول عبدالله خميس بين لحظة وأخرة وبين حجة وأخرى إلا هذه المرة فقد شعر زهدي أن الأمر يتعلق بأبي حسام :
- ماذا وراءك ؟
ابتسم عبدالله لشعوره بأهميته لدى الخليفة ثم عاد وقطب جبينه دلالة على أهمية الأمر :
- أبو حسام يا مولاي .
- ما به ؟
- وصلني خبر غريب اليوم من أحد الجواسيس الذين طلبت مني زرعهم هناك أن أبو حسام متواجداً في منجم الفحم ، وقد هرب اليوم .
- هرب ؟
قالها زهدي بلهجة مشوبة بالخوف فبلع ريقه ونطق بصعوبة وكان مع التعثر لصيقة :
- أين هرب ؟ وممن ؟ط
- ليست لدينا معلومات كافية .. ولكن إن شئت ....
أمسك زهدي بكتف معاونه الخاص بدة بالغة :
- أسمع يا عُبد .. ربما كان الإمبراطور لا يريد أن يعرف أحد ما منا ما جرى هناك ... ولكن أريد منك الاستفسار إن أمكن إلى أين اتجه ؟ ومع من ؟ ماذا يأكل ؟ ماذا يشرب ؟ انت تعرف أن الإمبراطور قدوتنا جميعاً ويجب أن نحتذي به في الصغيرة والكبيرة


استند كل من نسيم وبحراوي على ظهر الآخر في محاولة لحماية زميله من جمع المقنعين المحيطين بهما ، كان نسيم شاهراً موس الحلاقة الفضي اللون بينما الجماعة تقترب منهما رويداً رويداً :
- إن اقترب أحدكم فسوف .....
- ماذا ؟ سوف تذبحه من الوريد إلى الوريد ؟ هيا أرني ماذا ستفعل أمام هذه ؟
قالها من يبدو عليه أنه قائدهم ومد يده فامتدت اليد الطويلة لتصبح أطول ثم أطول وكأنها مصنوعة من المطاط الطبيعي ، حالما رأى نسيم هذا المنظر أصفر وجهه وحار في أمره فأخذ بحراوي المشرط بسرعة وأسقطها على الذراع الممتدة فانشطرت إلى نصفين ولكن الشاب ضحك ضحكة مجلجلة تراجع على أثرها بحراوي :
- أوه ياله من ألم مبرح ... بصراحة ليست مؤلمة
أثناء تكلمه كانت اليد تنمو من جديد وكأنها يد جديدة لم تقطع من قبل :
- Alooosh
قالها الشاب القائد وهو ينظر للواقف بجواره :
- تأمرني أمر .. شو بدك عقيل ؟
- تكلم بكلام مفهوم
قالها عقيل خميس وهو يزم شفتيه بينما Alooosh يضحك ضحكة خافتة مخفياً عينيه وراء نظارة شمسية .
- يبدو أن أصدقائنا لا يعرفون إلا لغة القوة أرهم
- إن كنت تحب ذلك
قالها وأمال نظارته قليلاً ونظر ناحية الموس الفضي فتحول إلى خشب فذهلا الهاربان وعلما أنهما وقعا في مطب لا خروج منه .



نهاية الجزء الأول





الأحد، 22 مايو 2011

جزر الغموض - ١٨












( 18 )

الوجوه الجديدة في هذه الحلقة :

Dr.Fatimah
amsalolo
مسك





تسمرت zamob فوق الشجرة منتظرة أن تأتيها الشجاعة لتقفز وتنهي معاناتها بعد أن يشد الحبل الذي وضعته على رقبتها ، تأكدت قبل ذلك من متانة الحبل المصنوع من الليف الطبيعي ، بدأت في تخيل بحراوي في محاولة أن تستمد شجاعة الانتحار من خلال صورته . أرخت مفاصلها العلوية قليلاً ، أثنت ركبتيها وشدت عضلاتها استعداداً للقفز وأغمضت عينيها في محاولة جادة للانتحار :
- لو كنت مكانك لما أقدمت على مثل هذه الخطوة .
وقبل أن تفتح zamob عينيها في محاولة للتعرف على صاحبة الصوت الذي يشبه الأفعى :
- توجد سحلية ملونة أسفل الشجرة
ما أن سمعت zamob كلمة السحلية حتى تراجعت من الخوف ، أتبعها ضحكات متتالية :
- ألم أقل لك أنها سوف تفضل الحياة على أن تسقط فوق سحلية
ضحكت المتكلمة حتى سعلت من كثرة الضحك :
- معذرة فمنظر وجهك وأنت تتلقين خبر السحلية مثير للضحك .
عادت تضحك من جديد وسط دهشة zamob وعدم فهمها فيما يجري ، نظرت تجاه المرأتين الواقفتين يتأملانها كانت الممتلئة هي التي كانت تحدثها والتي غرقت في الضحك كلما نظرت إليها ، أما الأخرى النحيفة والتي تشبه العصا فقد احتفظت بابتسامة هادئة ، كانت تبادلها النظرات بهدوء تام :
- صدقيني الحياة لا تستحق من ينتحر من أجلها .
ضحكت السمينة :
- قصدك الحياة لا تستحق من يعيش فيها .
نظرت النحيفة إليها بنظرة أشبه بالثلج :
- عنيت ما قلته ... عندما تنتحرين فأنت تعطين للحياة قيمة وأهمية وهي لا تستحق أن تكون كذلك ... أنصحك بمراجعة نفسك
اقتربت الضاحكة منها بعدما هدأت :
- معها حق .. أحياناً صديقتي تنطق بالحكم .. أوه نسيت أن أعرفك بنفسي ... أسمي Dr.Fatimah .
ما أن قالت اسمها حتى تطلعت إليها zamob بكثير من الاستغراب وقبل أن تنطلق في خيالاتها والحكمة من وجودهما في لحظة اليأس التي عانت منها :
- لا يذهب فكرك بعيداً ... اسمي الحقيقي هو فاطمة وتستطيعين تسميتي بفطوم أما لقب الدكتورة فقد جاء عندما قطعت اصبع أحدهم فقد استعصى خاتمه من التملص منه فاضطررت إلى قطعه باحترافية .
توجست zamob شراً :
- كان ميتاً أطمئني لست قتالة قتلة بل نشالة مسكينة في حالي .
بانت الخيبة على وجه العروس المشوهة :
- ماذا ؟ هل ظننت لوهلة أني دكتورة سوف تعالجك من هذا التشوه ... لو كان ذلك لعالجت عيني التي فقدتها منذ زمن .
قالتها ومدت يدها إلى عينها اليمنى الكريمة ونزعتها أمام صرخة انطلقت لا إراديا من zamob ، لوحت Dr.Fatimah بالخرزة الكبيرة التي كانت قبل لحظات داخل تجويف العين .
- ما رايك بها تشبه العين ، كانت خرزة وقمت بصبغها وتلوينها بحرفنة لدرجة أن من يراها يظن أنها عين حقيقية .
ضحكت النحيفة :
- لا تخيفيها هكذا ..
ضحكت Dr.Fatimah بجلجلة :
- هذه صديقتي amsalolo
كانت ملامح الاستغراب بادية على وجه zamob :
- ماذا يعني أم السلولو ؟
- لا تذكريني بهذه الحكاية مجدداً .
قالتها amsalolo وهي تطلب من رفيقتها بعدم الحديث عنها . ولكن السمينة خفيفة الدم استدارت إليها :
- سوف اخبرك ... هل سمعتي بأغنية عبدالحليم حافظ .. قولوا لو قولوا لو قولوا له الحقيقة
اومأت zamob رأسها إيجاباً فهي كانت تعشقها وترددها لبحراوي ، لم تدع Dr.Fatimah مجالاً للعروس المنكوبة في سرحانها مع ذكرياتها :
- ذات يوم أقيم مهرجان أو مسابقة غنائية في جزيرة الإمبراطور وكانت صديقتي هذه على فكرة كان اسمها هيفاء .. هيفاء مجدي ، ما علينا .. تقدمت للمسابقة أملاً في الحصول على وظيفة مغنية في قصر الإمبراطور .. طلب منها المحكمون أن تقدم وصلة ... جاءت أغنية عبدالحليم حافظ في بالها ولكن اختلط عليها الأمر فحاولت أن تتذكر بداية الأغنية ولكنها فشلت وبما أن المحكمون في انتظار ما تجود به هيفاء مجدي فقد قررت أن تغني والسلام ،
عندها أطلقت Dr.Fatimah حنجرتها المتحشرجة والغليظة في ذات الوقت :
- سولولو سولولو سولولو الحقيقة ، ضحك جميع المحكمون وأطلقوا عليها هذا الاسم الذي لازمها حتى الآن لدرجة أنها نست اسمها الحقيقي .
بانت الابتسامة على وجه zamob وإن كانت شاحبة ربما بسبب لون أسنانها السوداء بفعل الاحتراق ، وضعت amsalolo يدها على كتفها :
- هكذا يجب أن تكوني ، عيشي حياتك وضعي الابتسامة على محياك مهما شعرت كيف تبدين ، فجمالك الحقيقي يكمن هنا .
قالتها وهي تشير إلى قلب zamob التي نكست رأسها كمن يفكر في الأمر .
- ما رأيك أن تنضمي معنا ؟
قالتها Dr.Fatimah بحماس :
- نعم .. تنضمين معنا ونكون الثلاثي المرح .. اسم يليق بنا
- ولكن ...
ابتسمت amsalolo ابتسامتها الهادئة :
- معنا لن تشعري بتشوهك ، بل سوف تستغلينه استغلالاً جيداً ...
- لم افهم ، كيف ، هل تقصدين النشل ؟
اخذت amsalolo نفساً عميقاً كمن يستعد لإزاحة هم :
- نحن نشالات ونصابات ومتسولات ووووو ولكن كل ذلك ليس الأهم .. الأهم أننا لدينا روح المغامرة وروح التجربة ... نحن ننام في كل مكان تحت الرمال ، في زريبة الحيوانات وربما يصل بنا الحال في الحمامات نكسب بضع دراهم قليلة ونشعر بها كنزاً.. نأكل كل شيء من فخذ خروف مشوي من قصر الإمبراطور إلى الحنظل إن لم نجد ما نأكله وفي النهاية ننام قريرات العين لا يشغل بالنا هم ولا غم .
رفعت zamob رأسها وابتسمت موافقة ، تصافحت النسوة الثلاثة دلالة على العهد والميثاق وقمن من فورهن لإكمال مسيرتهن .



صرخت Renad من شدة الألم وتأوهت كثيراً وهي تحاول أن تتماسك مع الاستسلام التام ليد jawadالذي وضع الجمرات المشتعلة في أماكن متفرقة من جسدها
- ثوان قليلة فقط ... أصمدي
- لا أتحمل
قالتها بعصبية وبجزع في ذات الوقت
- إن لم ... فهذا يعني أن العطب سينتشر في كل مكان من جسدك .. علينا وقف السم بأي طريقة
عندما وقعت Renad من أعلى الشجرة لاحظ jawad بقع زرقاء بدأت تنتشر في جسمها فعلم أن هناك خطب ما يلم بالفتاة المتوحشة فنزع السكين الموجودة في جيبها وكشط أحد المناطق الزرقاء فهاله أن رأى البقعة الكثيفة تخرج من جسدها فعمل ذات الفعل مع كل البقع حتى امتلأت المكان بالسائل الأزرق ، ولكن Renad لم تستفق من غيبوبتها واشتعل جسمها بالحمى لمدة يومين كان فيها الرجل البدين خير من اعتنى بها في هذه اللحظات الصعبة ، في اليوم الثالث استيقظت ولكنها كانت منهكة فلم تستطيع أن تقوم من مكانها ، أحضر لها jawad بعض الفواكه واستطاع بعد جهد جهيد أن يصطاد سمكة نهرية ويشويها لها :
- كلي ورمي عظمك .
اكلتها على مضض وهي تتطلع إليه بغرابة فهي لم تلتقي برجلاً عادياً منذ زمن يحمل في قلبه الشهامة عدا والدها وهو من المسوخ .
بعد يومين عادت البقع الزرقاء في الظهور فعلم أن ألأمر لن ينتهي إلا أن يضع حداً لها بواسطة الكي وكان هذا ما حدث .

بعدما هدأت Renad بعد عملية كي صعبة نظرت إلى منقذها بكثير من الامتنان :
- كيف أشكرك ؟
- ليس هناك داعٍ .. من أين جاءك السم ؟
سكتت قليلاً ، ونظرت تجاه الصخور النهرية :
- سما
- من ؟
- رئيسة منجم الفحم .
- هل هذا المكان يسكنه النساء فقط ؟
- لِمَ ؟
- منذ جئت إلى هذا المكان ولم التق إلا بالنساء فقط ، الأمازونيات ، سماهر ، وأنت . وألان اسمع بتلك الـ سما
ضحكت Renad وإن كان الألم جعلها خافتة
- يوجد رجال أيضاً ... لابد أنك ستلتقيهم يوماً
- لا يهم .. المهم .. لماذا هذه الـ سما قد عملت على تسميمك ؟
- قصة طويلة .. ولكن نشبت بيننا معركة كانت نتيجتها غرس سكينتها في كتفي .. يبدو أن السكينة كانت مسمومة .
- هل هذه الـ سما قريبة من هنا .
- نوعاً ما .... اطمئن سنتجه من طريق أخر .
- إلى أين
- إلى حيث أعيش .....

حاول أبو حسام أن يتنفس من خلال الفتحة الوحيدة المتاحة له بعدما أحكمت سما إطباق جبيرة الجبس على وجهه من جديد . كانت الحرارة خانقة والرطوبة عالية في الحفرة التي وضعته فيها سما رئيسة المنجم المتجبرة ، علم في قرارة نفسه أنه هالك لا محالة عندما كشفت شخصيته في ذلك اليوم ومنها فهو يتعرض لجميع أنواع الإذلال والهوان على يدها سواء كان تعذيباً جسدياً أو معنوياً مثلما فعلت به عندما أجبرته على تناول الحنظل والعلقم والعشرج في ذات الوقت بينما كانت تتناول فخذ خروف مشوي بالتوابل الهندية . كانت سما تفوقه شراً عندما كان في عز سطوته فما بالك الآن . وما أن انتهت من وجبتها الدسمة وجدته قد بدأت عليه ملامح الإسهال والترجيع أمرت به في حفرة الموت كما يطلق عليها ، هذه الحفرة هي سونا طبيعية وعلى ما يبدو أنها تقع مباشرة أسفل بركان خامد مليء بالصهارة التي ما زالت متقدة رغم خمود البركان ، المياه التي تخرج من فتحة البركان لها مجرى خاص يستخدم لإراحة رئيسة المنجم من تعب العمل والاسترخاء في المياه المعدنية البركانية الكبريتية ، بينما حرارته فتتوزع على الحفرة التي فيها أبو حسام والتي تستخدم عادة لكبار المجرمين أو كبار المغضوب عليهم والجزء الثاني من الحرارة يستخدم في تشغيل الآلات التي تعمل بالبخار والتي تستخدم لرفع الفحم إلى الأماكن المرتفعة أو إنزالها .
كان أبو حسام يتناول الطعام والشراب ( إن حصل له ) بواسطة ماصة خاصة فبرغم من بروز الأسنان في خارج منطقة الجبس إلا أنه لم يكن باستطاعته المضغ بسبب وضعية الجبس على فمه وبما أن سما تريده أن يعيش أكبر فترة زمنية من عمره فقد حولت له الطعام إلى شراب .
أخذ أبو حسام يتحسر على شبابه الذي مضى بسبب الضغط النفسي الذي يلازمه وأيقن أنه خلال فترة بسيطة إن أستمر هذا الحال على ما هو عليه فسوف يقضي نحبه بلاشك .
قطعة حصاة تسقط بجانبه ، بكل يقين أنها قادمة من أعلى ، ربما أحد الحراس مر بجانب الحفرة ، ربما سما تتفقده هل ما زال على قيد الحياة أم هلك . حصاة أخرى ، قلبه بدأ في الاضطراب فيبدو أن وقوع الحصاة هذه المرة لم يكن مصادفة ، حصاة ثالثة وقد تحول الشك يقين ولكن من ؟ لن يستطيع أن يعرف فهذه الجبيرة اللعينة تمنعه من الالتفات ، كره زهدي من أعماق قلبه في هذه اللحظة التي شعر أنه عاجز فيها عن الالتفات .
- هسسس
هلع عندما سمع الهسهسة القادمة من أعلى .
- هش
كانت هسهسة وتحولت إلى هشهشة فلابد أن الأمر خطير جداً من يكون يا ترى ؟ هل هي سما ذاتها قد صحا ضميرها فجأة ولكن مستحيل فهي الآمرة الناهية في هذا المكان ولا يمكن أن تختبئ من نفسها . ربما شعرت بالحب الجارف تجاهه ولكنها لا تريد أن تصرح بذاك أمام الحرس كي لا تسقط هيبتها . استبعد أبو حسام هذه الفكرة فسما من النوع الذي لا يمكن أن يخجل من أفعاله. إذن من يكون ؟ خطر أحمد علي فوراً في ذهنه المشوش من تأثير الأفيون الذي سقاه إياه زهدي ، نعم لابد أن هو أحمد علي ....
- ياله من حارس مخلص لمولاه ... سوف اكافئه بتعيينه رئيساً للوزراء
في حال عودته للحكم بلا شك . هكذا فكر أبو حسام
- ربما أحمد علي قام بالواجب أو أكثر فلابد أنه قطع رقبة هذا الزنديق ... أتمنى أنه لم يقتله كي اعذبه واشف غليلي .
بدأت أحلام اليقظة تصبح يقين في عقل أبو حسام ولكن الصوت الهامس عاد من جديد :
- هل تسمعني يا أبو حسام ؟
ما لاشك فيه أن الصوت ذكوري الملامح وما لاشك فيه أنه هو أحمد علي ، ترقرقت دموع أبو حسام من مقلتيه وكاد أن ينتحب من الفرح والسرور . حاول أن يتكلم ولكن الكمامة التي وضعتها سما في فمه حالت دون القدرة على الكلام ، ولم يكن يستطيع أن يهز رأسه أو بدنه لتوضيح الأمر لمخاطبه ، دفع بكل قوته الجسد المتصلب حتى هتز الجسم المتصلب وسقط على الأرض لتدخل المياه من خلال الفتحات مهددة حياة أبو حسام بالانتهاء .
اقترب الرجل الغامض من أبو حسام ورفعه من الماء بصعوبة وما أن التقى الوجهان حتى ظهرت ملامح ميلاد تحت ضوء القمر وهو يجاهد في وضع الجسم المتصلب بعيداً عن المياه إلا أن نجح في مسعاه .
بانت ملامح الدهشة في عيني أبو حسام فميلاد هو أخر شخص يتوقعه في هذه اللحظة بعدما حدث الذي حدث بينهما ، همهم أبو حسام دلالة على وجود قطعة قماش في حلقه وبحركة خطافية سريعة كانت يد ميلاد فوق الجبس الذي تكسر في لحظات قصيرة ، نزع الطبيب السابق الكمامة من فم مولاه السابق أيضاً . شهق أبو حسام ونظر نظرة أمتنان ناحية منقذه :
- لن أنسى لك هذا الجميل يا عزيزي ميلاد ، سوف أعينك رئيساً للوزراء حالما أعود .
كانت ملامح ميلاد أقرب للجليد من أن يكون فرحاً بهكذا خبر :
- هل تظنني يا أبو حسام جئت لأنقذك من أجل سواد عينيك أو طمعاً في وزارتك التي لن تعود ؟
وكأنه استشعر الخطر ، قطب جبينه :
- ماذا تقصد ؟
- أبنتك مسك
- هل هي بخير ، لابد أن هذا الزهدي قد نال منها أو قتلها .
- اطمئن هي بخير ما دمت أنت بعيداً عنها .... كل ما أطلبه موافقتك
تغيرت ملامح أبو حسام وهم بضرب ميلاد على خده ولكن الجبس ما زال مانعاً له من الحركة :
- وإن رفضت ؟
- سوف اصرخ بأعلى صوتي بعد أن أبتعد فيأتي لك الحرس وعلى رأسهم السيدة سما أسف أقصد الآنسة سما وتعرف الباقي .
- وكيف تتيقن مسك من موافقتي ؟ هل ستنقلها شفوياً ؟
- بالطبع لا ؟ لقد كتبت خطاب الموافقة وهاهو القلم والمحبرة ما عليك إلا التوقيع فقط .
قالها ميلاد وهو يخرج الورقة من جيبه .
- ولكني لا أستطيع التوقيع
ابتسم أبو حسام وهو يشير إلى الجبيرة – السجن ، قطب ميلاد جبينه وأنتزع حصاة حادة من قعر الحفرة وقام بتهشيم جبيرة اليد اليمنى حتى تحررت .
- والآن وقع من فضلك
بدون سابق إنذار امتدت يد أبو حسام المحررة ناحية عنق ميلاد وهو يهم بخنقه .
- ماذا تفعل ؟
- لا أحد يجرؤ على إجباري على شيء أرفضه .
شعر ميلاد أنه لن يستطيع التحرر من قبضة أبو حسام فهناك بون شاسع بين جسميهما فامتدت يده إلى الحبل الممدود ، تطلع أبو حسام إلى نهاية الحبل فوجده مرتبط ببعض القرع والحجارة فهلع وفهم ما ينوي فعله :
- ماذا تفعل ؟
قالها وهو يخف قبضته عن عنق الجزار السابق :
- أخبرهم بنيتك .
- ستكون معي .
- ميتاً .. لا يهم ولكنك لن تستطيع الهرب .
أخذ أبو حسام القلم وهم بالتوقيع :
- لكن عليك بتحريري أولاً
- سوف أحرر رجلك اليسرى فقط .
- لماذا ؟
- لكي أضمن أنني استطيع سبقك ولا تصل يدك لعنقي مجدداً ... لا تنسى أن تكتب التالي :
أشهد أنني أبو حسام والدك يا مسك قد قام البطل الضرغام والصنديد الهمام زوجك المستقبلي ميلاد الذي وافقت عليه امتناناً وعرفاناً بزواجك منه قد قام بتحريري من الأسر .
- لكنك لم تحرر إلا يد واحدة ورجل واحدة
- ألا تكفيك للهرب حتى تكون في مأمن على نفسك وتحرر نفسك فيما بعد .
وقع أبو حسام بعد تردد فلم يكن بيده أي حل ، قرأ ميلاد ما كتبه أبو حسام وابتسم ابتسامة رضا فأخذ الحصاة الحادة وهشم جبيرة الرجل اليسرى وقام من فوره وتسلق الحفرة وما أن استقر في أعلاها :
- أمامك يا أبو حسام دقيقة واحدة للهرب وبعد ذلك سوف أصرخ منادياً للحرس ... وأنت وشطارتك يا شاطر .

أوقع نسيم وجهه في بركة الماء فقد استبد به العطش بعد مسافة طويلة قطعها مع رفيقه بحراوي ، نظر إلى رفيقه الشارد :
- ما بك ؟
- هنا تنتهي الغابة .. ما بعدها رمال قاحلة .
- لا اظنها صحراء .. فهي جزيرة
- وما يدريك ؟
- أظنها جزيرة
- وإن لم تكن ؟
- نرجع أدراجنا ؟
- لا ... لكن يجب أن نأخذ احتياطنا .. يجب أن نجد قربة ما نحملها معنا .
تلفت نسيم يبحث عن شيء يستطيع أن يملأ فيه الماء لرحلة مجهولة المصير ولكنه لم يعثر
- لا أظن هنا سنجد أنية أو أوعية أو قرب ماء .. أظن أنه يجب علينا المغامرة ...
قبل أن ينطق بحراوي بكلمة كانت حشوداً من الرجال المقنعين تحيطهما .


استيقظ أحمد علي على ولولة فتاة بجانبه فأدرك أن هناك خطب ما ، كانت هي سماهر التي تنظر إلى القفص بجزع بالغ ، وضع أحمد علي يده على رأسه محاولاً فهم ما يجري تلفت حوله وهاله جموع الأمازونيات يحطن به من جميع الجهات فوق المدرجات الرومانية الشكل وهن يطرقن بالرماح والسيوف وكأنهن يستحثن أحد ما . نظر أحمد علي إلى الجهة التي تنظر إليه الفتاة فهاله أن رأى القفص يفتح بابه ليخرج منه الوشق .




يتبع